-->
مدونة الأستاذ عبد الحفيظ دحدح مدونة الأستاذ عبد الحفيظ دحدح
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

مقالاتي




✍️✍️ الراقصة،،، والطبّال!


✍️ من القواعد التي تلتزم بها الراقصة المحترفة مهارة تناسق وانسجام واتفاق حركاتها مع ايقاعات الطبّال، والشيء بالشيء يذكر، فساحتنا الدينية غاصة وطافحة بشيوخ كهنة، كل واحد منهم برتبة راقصة "يهز ويحط" على إيقاع أوامر وتوجيهات ولي الأمر الممسك بالسلطة، يوفر له غطاء ديني قدسي بفتاوى حسب الطلب والمزاج.

1- تثبيت الملكية المحنطة:
✍️ منذ انتقال الحكم الإسلامي من مبدأ الشورى في دولة المدينة إلى الملكية الوراثية الاستبدادية المحنطة في دولة دمشق التي اغتالت كل شرعية تستند إلى اختيارات الأمة، أضحت السلطة تستمد مشروعيتها الزائفة من المرجعية الدينية وتسعى إلى تحصيلها بأي ثمن، فحرصت على استخلاص فريق مُـدجّـن من المشايخ ليحققوا لها مرادها مقابل امتيازات اجتماعية ووظيفية.
✍️ تجنّد هذا الفريق من الشيوخ لأجل ابتداع ترسانة فقهية تُـحصّن الحاكم في السلطة وتثبته فيها، فحرّمت الخروج عليه أو نقده أو مساءلته أو منازعته حتى ولو زنا ولاط، وسرق واغتصب، وخان وفرّط، بل حتى ولو قتل نصف الرعية التي صارت وفق هذا الدّنس مجالا مستباحا يفعل فيه وبه الحاكم ما يشاء.
✍️ وأسرفت تلك الدكاكين الدينية في جعل مبدأ طاعة ولي الأمر والتسليم له بالمطلق من أولى أولياتها الفقهية والشرعية، بل اعتبرته من القطعيات وكبيرة من الكبائر... فتسبّب هؤلاء الشيوخ، حلفاء السلطة وخدامها، في وضع ركام فقهي هائل من التخريجات والمسوغات للحاكم، ولا يزال هذا الركام التالف الخاص بشؤون السلطة والحكم ينخر في جسد الأمة ويعيق حركتها.

2- الإسلام السياسي،،، والخروج:
✍️ من أبرز المحطات القاتمة في تاريخنا الإسلامي خروج معاوية بن ابي سفيان والي الشام على الخليفة علي بن أبي طالب بعد أن بايعته الأمة، وخروج الحسين بن علي بن أبي طالب وعدد من الصحابة على يزيد بن معاوية، والعباسيون على الأمويين،،، والوهابيون على العثمانيين، وما تخلل تلك المحطات من انفجارات الدويلات الكثيرة التي انشقت عن تلك الخلافات المتعاقبة،،، والجزائريون أيضا خرجوا على رئيسهم الراحل عام 2019 ضمن مسلسل الخروج والانقلابات الذي انطلق مع مرحلة الاستقلال.
✍️ إنّ كل تلك التمزقات والتصدعات السياسية التي مرّ بها العالم الإسلامي كانت لدوافع سياسية، إما لتصويب المسارات ومواجهة الانحرافات ودفع التسلط السياسي والظلم والقهر أو دوافع ممزوجة بشهوات الطموح السياسي ونزوات المُلك والسلطة ولكن بغلاف ديني، ولم تكن أبدا تلك الدوافع دينية اعتقادية.
✍️ في الجزء الثاني: الركام الفقهي النجدي – حملة التشغيبات والاتهامات بحق المقاومة.
❤️ لا تنسوا اخواننا في غزة من الدعاء، ولا تتوانوا في مقاطعة منتوج كل من يدعم الكيان لتتحول المقاطعة إلى ثقافة وعقيدة.
شاهد الفيديو المرفق: 


✍️✍️ غزة،،، ودورة الاختراق والغدر، البذور والفروخ!

✍️ لا أحد بإمكانه أن ينكر بأن تعويق مسيرة الأمة يتم من داخلها، وعليه فموضع العلاج بداهة يجب أن يكون من داخلها، ولا يمكن التخلص من الأزمات الطاحنة التي تفتك بأمتنا وتعصف بها إلا بمعرفة ماهياتها وبداياتها ومنطلقاتها وخلفياتها، إذ لا يمكن تشخيص المرض تشخيصا موضوعيا بدون فحص المريض.
✍️ حين نتحدث عن دورة التجسس والتآمر والتربص بالعالم الإسلامي تحضر أسماء كثيرة من مهرة وحذاق الغرب في فنون التلاعب بالعقول والنفوس إجادة تحويلها إلى أدوات للتحكم والسيطرة والتنفيذ.... ففي البلقان عمدت القوى الكبرى إلى بث النزعة القومية لإشعال الحركات الانفصالية الاستقلالية عن الرجل المريض (الدولة العثمانية) خصوصا وأنه يمثل، أي البلقان، موطن أمجاد وتراث وحضارة أوربا ممثلة في أثينا وروما.
✍️ وأما في البلاد الإسلامية فقد عمدت هذه القوى إلى المشاعر الدينية لتأليف حركات دينية بغلاف إصلاحي تجديدي لضرب الدولة العثمانية وتفكيكها من الداخل. ففي نجد تولّـت المهمة الحركة الوهابية، فقد كان محمد بن عبد الوهاب، قائد الإصلاح المزعوم والتجديد الموهوم، منشار بريطانيا لتمزيق الأمة دينيا والتربص بالخلافة العثمانية لاغتيالها حين غدرها وأعلن الخروج عليها بسيف وخنجر ابن سعود بعد أن كفّـرها ووسمها بدولة الشرك مدعوما في كل خطوة يخطوها من القوى الاستدمارية عن طريق أحد أشهر وأمهر هؤلاء البارعين الدهاة.
✍️ رغم اختلاف سياقات الزمان والمكان إلا ان التشابه كبير بين كل تلك الخطط والمشاريع والاختراقات للعالم الإسلامي لتدميره من الداخل لا سيما في ظل حالة البداوة السياسية والسذاجة الفكرية التي كانت سائدة آنذاك. وكان من الرواد الأوائل من هؤلاء الدهاة الذين حملوا على كواهلهم مهمة تدمير العالم الإسلامي من الداخل الجاسوس البريطاني هِـمْفـِر (Hempher) الذي ترك كتاب " مذكرات مستر همفر"، وقد اكتسب هذا المُؤلف شهرته وقيمته من كونه يسرد وقائع مثيرة عن تفاصيل لقاءات وجلسات صاحب الكتاب مع محمد بن عبد الوهاب، فأغواه وأغراه بالمشروع القذر والخطير الذي كلف به لضرب الدين والخلافة معا... والكتاب متاح تحميلا وقراءة على الشبكة لمن أراد البحث عن الحقيقة والتخلص من الأوهام والاساطير.
✍️ وتتكرر القصة بكل سياقاتها مع جاسوس بريطاني آخر هو "جون فيلبي John Phillby" الذي دخل الإسلام وأطلق على نفسه اسم عبد الله، وتقلّب في الكثير من الوظائف والمناصب الحساسة خصوصا في بدايات الدولة السعودية. والشيء بالشيء يُذكرُ، ففي الجزائر ضهر وبرز اسم "ليون روش Leon Roche " الذي انتحل الإسلام ثم خاض في مسائل الدين خدمة للمشروع الاستدماري من خلال ترويج التسليم بالقدر الاستدماري والاستسلام له تماما كما يروج المشايخ الفروخ في وقتنا الراهن.

❤️ لا تنسوا اخواننا في غزة من الدعاء، ولا تتوانوا في مقاطعة منتوج كل من يدعم الكيان لتتحول المقاطعة إلى ثقافة وعقيدة.
شاهد الفيديو المرفق: 


✍️✍️ مجتمع قاعة الأساتذة... الواقع والمأمول!

✍️ يَـــــشُـقُ على كل غيور يحمل هموم رسالة التربية والتعليم استفحال الأزمات والتصدعات التي تعصف بمجتمع قاعة الأساتذة بعد تعرضه إلى تفكيك مُـمنهج وتعفين متصاعد للعلاقات بين مكوناته وعناصره، وعُـلو خطاب المصلحة الشخصية الخاصة على مصلحة القاعة والجماعة.
✍️ عـــلينا أن نتحلى بالصراحة حين نستعرض واقع العلاقة داخل قاعة الاساتذة بين الماضي والحاضر. فقد كانت البيئة جماعية متآلفة وداعمة يسودها الاحترام والتقدير، بيئة متماسكة يستمتع فيها الجميع بالمساعدة والمساندة داخلها وخارجها، واحتضان كل ملتحق جديد بها واحتواؤه ليتفاعل معها ويندمج فيها.
✍️ لـــقد كان احترام الأستاذ الأقدم وتوقيره ميثاق وعُـرف يلتزم به الجميع، وكان هذا الأستاذ الأقدم بقيمته ومكانته الرمزية يتولى القيادة الفعلية والميدانية للقاعة، فهو صمّـام الأمان المعنوي في ديمومة هذه التقاليد وضامن عدم تجاوزها واختراقها.
✍️ يُـــجمعُ كل المهتمين بهذا الشأن أنّ قاعة الأساتذة شهدت تخريبا لنسيجها وتفكيكا لوحدتها بسبب غلبة النزعة الذاتية والمصلحة الفردية، فالتوقيت الأسبوعي وحده كفيل بتخريب العلاقة بين أساتذة المادة الواحدة، وتفجير القاعة وتحويلها إلى ساحة جفاء وصراع وعداء لتـتفاقم معها الأزمة التربوية.
✍️ فـــي نهاية المطاف، لا يوجد بيننا نحن أهل التربية والتعليم من يستطيع أن يُـنكر بأنّ تقويم وإصلاح الاختلالات التي تعيشها قاعة الأساتذة أصبح أمرا ملحا... وفي هذه الفسحة أحاول النـبش في تجربتي الخاصة لأعرض بعض العلاجات المستخلصة:
1- علاج أزمة قيادة القاعة باسترجاع الاعتبار للأستاذ الأقدم، فقد آن الأوان لإعادته إلى موضعه اللائق به. فلا يجب مزاحمته في بعض الامتيازات التي يحصل عليها مراعاة لكبر سنه وطول سنوات عمله كجدول التوقيت الأسبوعي أو حراسة الاختبارات أو يوم الراحة...
2- رعاية كل أستاذ جديد والاهتمام به والإحسان اليه ومنحه التدريب المطلوب الذي يجعل منه عنصرا ناجحا يدعم الجماعة، وهنا يكون دور الأستاذ الأقدم محوريا من خلال مرونته وحكمته وتجربته بعيدا عن البخل المعرفي والشح التربوي والحرص على كتم تجاربه ومهاراته.
3- التخلّص من عقدة التعالي والتفوق والذاتية المفرطة والمكابرة الزائدة خصوصا لدى الأساتذة الجدد.
4- تأسيس العلاقة داخل القاعة قائمة على الصدق والصراحة بعيدا عن التظاهر والغدر والخداع والمداورة.
5- الترفع عن الخوض في مسائل تعلق بشركاء القاعة وشؤونها أو الطعن فيهم لَا سِيَّمَا مع التلاميذ.
✍️ ✍️  لا تنسوا اخواننا في غزة من الدعاء، ولا تتوانوا في مقاطعة منتوج كل من يدعم الكيان لتتحول المقاطعة إلى ثقافة وعقيدة.
شاهد الفيديو الخاص بالموضوع: 


✍️✍️غزة تصلح بوصلة الأمة !

✍️محطات مفصلية انتكست وانتكبت فيها الأمة:
1- حين تحول مبدأ الشورى في اختيار الحاكم إلى مَــلكية وراثية لعينة، وهو تحول كان بحاجة إلى شرعية دينية تكفلت بها جماعة قليلة من الأبالسة المشايخ لا ينطقون الا بما يستهوي الحاكم ويثبت سلطانه.
2- حين وقع الاتصال والتحالف في 1744م بين الاسلام الوهابي الظلامي والمشروع السياسي السعودي التسلطي برعاية بريطانية. ونتج عن هذا الزواج الكاثوليكي مدرسة دينية عرّابها الأول محمد بن عبد الوهاب، مدرسة تقدم بضاعة بغلاف ديني أطلقت يد الحاكم ليجلد الظهور ويغتصب الحقوق حتى انحنت الأجساد وانكسرت الرقاب للعدو الخارجي، فصارت الأمة قطعانًا من العبيد لا تقدر على شيء... فكيف يُطلب منها إغاثة غزة.
3- علّموا الناس فأخبروهم بأنّ اجتياحات المغول وحملات الصليبيين وموجات الاستدمار لم تنجح في اختراق الأمة واستعبادها إلا بعد أن غرقت هذه الأمة في ذات الوضعية التاريخية المؤلمة التي تعيشها غزة مع أعراب الحاضر من الحكام... حكام لا همّ لهم سوى ترسيخ سلطانهم وسلطتهم، وتحت يدهم جيش من المشايخ الأبالسة يغرقون الشوارع بفتاوي ترفع مقامهم وتبرر خستهم، وتُـخلي ساحتهم من كل تقصير.
4- علّموا الناس فأخبروهم بأنّ إلصاق ونسب التدين في نسخته الوهابية إلى السلف الصالح هو محض افتراء وتدليس على السلف، وإساءة عظمى له، أي السلف، واساءة للمعلم الذي رعاه وربّاه وهو النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
5- علّموا الناس فأخبروهم بأنّ غزة هي اليوم خط المواجهة الأول في الدفاع عن الأمة تقدم دمها وعمرانها... ونحن علينا ان نتحمل رسالة ردم المستنقع الذي تتكاثر فيه قذارات ونفايات ثمّ تخرج لتطعن المقاومة في الظهر وتشوهها، وتكسر العزائم والارادات وتُـوالي المعتدين... وكل ذلك باسم الدين. واعلموهم أيضا بأنّ كل من علِم والتزم الصمت خوفا أو خجلا أو ضعفا فهو شريك لهؤلاء الدجاجلة وللصهاينة،


 موقعة الكرامة، وملاحم الخطوط الحمراء!

(حين يرتقي الأستاذ يؤول إلى عدو الأستاذ!!!)
*** دعني أهْـدرُ خط كرامتك الأحمر!

- على مدار حياتنا اليومية، وفي كل لحظة منها نتعـرّض لمواقف تُـنغّص علينا أمزجتنا وتكدّر راحتنا وقد تهـز ثباتنا النفسي والانفعالي حين تدفع بنا الاقدار إلى خوض التجربة مع أصحاب العقول المعطوبة والنفوس المتعالية السقيمة والسجايا العليلة الهشّة. ولكن تلك المواقف ذاتها قد تكون مصدر الكثير من التعلّم والعـبر كحال الموقف الذي جمعني بأحد الأساتذة في واقعة لا يمكنني سرد تفاصيلها الكثيرة ترفُـعا وتنـزُها.
- انخرط هذا الأستاذ بفَظاظة وقوة في الواقعة، مستعرضا جسده قائلا بفـوقية فجّة وبصوت عالي: كرامة الأستاذ خط أحمر!!! وبعد هرج ومرج هدأت الأنفس وذهب الروع وانحصر الغضب، فجلسنا نتحاور. غير أني رأيت أمامي شخصا مستعليا، منتفخا، متكبرا ومتعجرفا، فبدى لي وكأني سأحاور قديسا.
- بادرته بالسؤال، فقلت: كان يتوجّب عليك أن تُـلمّ بتفاصيل الواقعة قبل تدخلك الاستعراضي، والآن دعني استوضح منك عن خلفية هوسِـك بخط كرامتك الأحمر الذي صار يافطة غَـزت محيطنا التربوي، وعنوانا طغى واستفحل إلى أن أضحى مبتذلا يثير السخرية.
- فسألته قائلا: أنت الآن أستاذ والأكيد أنك تفكر في المشاركة يوما ما في مسابقات الترقية (ناظر-مدير-مفتش...)
- قال: نعم بالتأكيد سأشارك.
- فرددت عليه مستفسرا: يا ترى هل يبقى خط كرامتك الأحمر الذي تعتـدّ به الآن ملازما ومصاحبا لك حين تنجح في المسابقة وترتقي أم أنك سوف تتنازل عنه وتتركه خلفك مع ماضيك في الاستاذية؟
- فردّ وهو في حيرة: طبعا يبقى معي.
- حينها انزاحت عن صدري بقية حنـق وسخـط ثمّ قلت: إذن لِـتُـدرك أيها الفاضل بأنّ خط كرامتي الأحمر لايزال بصحبتي، لصيق بي، لم ولن ينفصل عني ولو لبرهة، حريص عليه تماما كحرصي على خط كرامتك وخطوط الآخرين الحمراء، فأمنحُـها كل التبجيل والتوقير، ولن اسمح لنفسي بتجاوزها وامتهانها والدّوس عليها.
- اعلم يقينا أنه لا توجد قوة على وجه الأرض يمكنها تجاوز الخط الأحمر للكرامة لمجرّد أنّ الأستاذ ارتقى في السلم الوظيفي. فمن سخرية هذا الزمن وعبثية المشهد في قطاعنا أنْ تجد أحدهم من الذين لا يفرقون بين التّائَـيـن (المربوطة والمفتوحة) يقدس خط كرامته ولكنه يعطي الحق لنفسه بانتهاك خطوط الآخرين، ولا قضية له في منشوراته على مواقع التواصل إلا إشاعة العداوات ودَقَّ الأسافين بين مختلف الرّتب والفئات المُرتِّـبة والمنظمة لقطاع التربية بسبب خطأ قد يرتكبه مدير هنا أو مفتش هناك كحال أيّ بشريّ آدميّ، ليتخذ منه، أيْ الخطأ، فرصة للانتفاضات الطائشة وفتح الرشاش بتهور على الجميع، والانخراط على تلك مواقع في حملة مسعورة ومجنونة من التبخيس والتنقيص والتحقير تطال أيضا الجميع. وحين أرى وأقرأ تلك المنشورات أشعر بالوجع والأسى والحسرة على ما آلَـت إليه العلاقات بين أهل التربية والتعليم، أكرّر أهل التربية والتعليم للأسف، وهو الشعور الذي تنبعث منه هذه الصرخة التي أتمنى أن تحظى بالقبول والتجاوب: لقد آن الأوان لبناء علاقات بين مختلف مكونات قطاعنا على أساس أننا شركاء حقا في رسالة التربية والتعليم، جمعتنا قاعة الأساتذة والمئزر الأبيض ثم باعدت بيننا الترقيات ليجمعنا التلميذ لأجل أنبل وأسمى رسالة: التنشئة والتربية والتعليم.
 
*** (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)
- يُشعرك البيان الإلهي العظيم المُـعجز بمدى قدسية ومركزية كرامة الانسان من حيث هو انسان يتمتّع بالآدمية، فهي طبيعة فطرية لا يمكن حصرها وتحديدها في أبعاد معينة، سواء أكانت دينية أو عرقية أو جنسية أو مَـنزلة اجتماعية ومكانة سياسية.
- إنّ الحاجِـب الذي يعمل معك – يا زميلي العزيز - يرافق التلاميذ في حركة دخولهم وخروجهم في المؤسسة هو شريك، له أيضا خط كرامة أحمر مَـصون ومحفوظ، ولا يحق لك العبث به أو الاجتـزاء منه بحجة أنك أستاذ وهو دونك مقاما ومنصبا، ونفس الأمر ينسحب على عامل النظافة والطباخ والمراقب والمقتصد والمدير والمفتش وغيرهم.
 
***  والخلاصة!
- إنَّ التواضع أدب الكِـرام ومنـبت الفضل ونقاء الروح وصفاء النفس، وخُـلُـق أهل العلم والتعليم والثقافة، والأستاذ أولى بهذه الخِـصال والخِـلال من غيره، إذ عليه أن يكون أبعد الناس عن حب الذات والأنانية والاستعلاء والغرور.
- احرص دوما - زميلي العزيز - على الانبساط والانشراح المتوازيـين، دون إسفاف، انطلاقا من باب المؤسسة، والبداية مع الحاجِـب، أفشي عليه السلام بوجه مبتسم، تحصد صدقة، جالسه بعفوية وتواصل معه واسأله عن حاله وصحته وأهله، وكن مستمعا جيدا لحديثه، اشعره بدفء العلاقة بمناداته بـ (عمّـي فلان) إذا كان يكبرك سنا. وعلى هذا المنوال أشِـع وانشر الأثر الطيب والصورة البهية المفعمة بالحب والجمال في كل محيطك لتنال سعادة الدنيا وثواب الآخرة (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).

*** لا تنسونا من صالح الدعاء، وربي يحفظ الجميع.
شاهد الفيديو:  

📜📜فوارِسُ وفرائِسُ التاريخ !

📖من بين صور الكوميديا في حياة هذه الأمة التائهة التناطح بين بعض اطيافها ومكوناتها على مواقع التواصل التي اخترعها المتحضرون المنجزون المبدعون البارعون للتواصل العلمي والاجتماعي والإنساني. ويأتي هذا التناطح من اجل أن يثبت كل طيف أنه هو أول من أحرز السبق في الاعتراف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية، وعليه فهو الأقدم وجودا والأرسخ حضورا في التاريخ... والتراجيديا الكبرى المقابلة لتلك الكوميديا الهزلية هي حين نرى موضع تلك الأطياف البائسة الكريهة في سلم الحضارة والتقدم والتطور والرفاه بإزاء موضع أمريكا في ذات السلم.

📖 من يشعل هذا التناطح ويغذيه بين هذه الملايين من القطيع المهوس بوطنية مزعومة، المشحون بأوهام تاريخية موضوعة في السراديب المظلمة ؟ وما غرضه من ذلك ؟

📖إنّ استعراضا خاطفا لتاريخ الأنظمة الشمولية يـنـبهنا إلى أنّها كانت دوما في سعي متواصل وحثيث لتبقى شعوبها فريسة للتاريخ ورهينته، تجتره وتلوكه ليكون في يد تلك الأنظمة، أي التاريخ، أفيونا للمراوغة والإلهاء والتضليل وإشاعة الرضا والقبول، فـتُـبدّد تلك الشعوب الشاردة حاضرها وتُـضيّع مستقبلها... تماما كما فعل ملك فرنسا (شارل العاشر) في 1830 حين قرر تسيير حملة لاستدمار الجزائر ليتخلّص من الملاحقة الشعبية،،، إلا أنه فشل أمام حالة الوعي الجماهيري الجارف الذي أطاح به في نفس سنة الحملة المشؤومة، وعاش طريدا إلى أنْ هلك بالكوليرا منبوذا في المنفى. فكم من نسخة عن شارل 10 تحكم في الأمة التي أحالتها غيبوبتها وجهلها إلى مستنقع تلتقي فيه كل بِــدع الدنيا السياسية والتاريخية والدينية !

📖والخلاصة: لا يمكن مطلقا أن تكون وظيفة التاريخ هي اهدار الوقت في التفتيش فيه عن العيوب لاستخدامها في القصف والقذف والاستعراض بل لاستخلاص الدروس لفهم الحاضر والتطلع للمستقبل.

️ لا تنسونا من صالح الدعاء، وربي يحفظ الجميع.


🖌🖌 لعنة الميراث،،، والـدي ... الله لا يرحمو ! ! !

🖋 لم تعد التشوهات التي لحقت منظومتنا الأخلاقية، والانحدار الذي تعيشه قيمنا ومثلنا، والانقلاب الذي حدث على مستوى دائرة علاقاتنا مع الأقرباء والبُعداء في حياتنا المعاصرة مَـثارا للصدمة والغرابة والدهشة في ظل استفحال المغريات الدنيوية المادية، وتعاظم منازع الذاتية والأنانية، وغلبة الميول الغرائزية الحيوانية على المواقف والأفعال حتى ولو تعلّق الأمر بالمقدسات والمحرمات.

🖋 تُــعبر القصة التي نقلها لي أحد الأحبة من الأصدقاء مؤخرا عن حجم الانفصال الرهيب عن الضوابط الاخلاقية الإنسانية، والقطيعة المهولة مع الاحكام الدينية المُنزلة. وبطل هذه القصة - البائس الملعون - هو ابن لإحدى العائلات التي ابتلـيت كالعادة في قضية الميراث الذي تركه الوالد.

🖋 المــيراث في أحد دلالاته يعني المال الذي يقضي المرء سنوات عمره يتـلذذ بجمعه واكتنازه، ويستنزفها بالجهد والتعب والمعاناة والتضحيات لجنيه وزيادة رصيده منه بقصد توفير حياة مريحة وكريمة لأفراد الأسرة... ولكنه قد يتحول الى لعنة تلاحق المُورّث الى قبره وتلازمه حتى تقوم الساعة.

🖋 ومــع هذا الهوس بالمال قد يسـتـسهل المرء كل الطرق بما فيها غير المشروعة في كسبه وتحصيله لهذا المال. وقد يبخل عن نفسه أبسط ملذات الدنيا ويحْـرمها من أبخس مشتهياتها، ومع الوقت ينجرف مع التيار، فتـبتـلعه الغـفلة ودهاليز النسيان إلى أن يتحول إلى مجرد آلة لجمع الميراث وتخزينه للورثة، وحينها يخسر ذاته، ويـفـقد كل معنى جميل في الحياة، (وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطࣰا).

🖋 حــكى صديقي فقال: بعد وفاة الوالد قُـسّمت التركة، وكان نصيب كل واحد من الأبناء مبلغا كبيرا ومعتبرا ناهز ( 2 مليار) وبعد مدة، وقع صراع بين الأشقاء حول موضوع آخر متأخر في الميراث، فلجأوا إلى صديق والدهم للتوسط بينهم وحل الخلاف. فـنظم لقاء لهذا الغرض، بدأه صديق الوالد بطلب رفع الأيدي للدعاء لوالدهم بالرحمة والمغفرة، فكانت الصدمة والفاجعة، إذ قام أحد الأبناء ثائرا ساخطا قائلا: (الله لا يرحمو) فما كان من صديق الوالد إلا أن نهض مسرعا إلى خارج البيت، مفجوعا مكلوما في الوالد والأولاد.

🖋 وأخيرا، اسمح لي يا صديقي أن أهمس في أذنك، وأيضا أنْ أخاطب نفسي مختصرا وموجزا، ناصحا:

1- لـنكن مع أولادنا في كل مراحل العمر، بأن نتيح لهم الحيّز الأكبر من وقتنا واهتمامنا، فـنسندهم ونرافقهم ونوفر لهم البيئة الصحية والموضوعية - قدر الاستطاعة والجهد - لتربية إيجابية وحسنة. ويبقى دوما الصلاح والتوفيق من المولى عز وجل، فابن النبي نوح (عليه السلام) كان كافرا بأبيه ورسالة أبيه.
2- لنحرص على أن يكون مالنا ورزقنا من الحلال، النقي الصافي من كل شائبة، فمن السذاجة والسخف أن يسرق المرء في دنياه ليخسر آخرته ويُـريح ويُـسعد الآخرين في دنياهم ويعمرها بعد مماته.
3- لنوفـر لأولادنا ما اسعفـنا القدر والوقت والظرف والجهد بلوغه وتحقيقه دون شطط، وحينها فقط يكون كل شيء في حياتنا ممتع وجميل وله معنى وغاية.

🖋 والخلاصة: أنت وأنا، نعم أنا وأنت، وكل من يقضي سنوات عمره وعصارة جهده في جمع الميراث من كل طريق وسبيل، أيًا كانت حلالا أو حراما، ويحْـرم نفسه من نصيبها في الدنيا،،، لنحرص أولا على زرع الثمرة الطيبة بتربية الولد الصالح الذي يدعو لنا بدلا من أن يدعو علينا ونحن رقود تحت الأرض في القبور، وقد نكون، أنا وأنت السبب والعلة من خلال المال الذي جمعناه ثم نرحل ونتركه لعنة تشتت الأسرة وتمزقها، وتقطع الروابط وتنشر العداوات بين الاخوة والأخوات.
❤️❤️ لا تنسونا من صالح الدعاء، وربي يحفظ الجميع.

🖌🖌 شهوة الاستعراض ... حين يصبح المسؤول جلادا !

🖋 أضــحى الصّياح والعياط والمبالغة في التوبيخ والتقريع والتهديد وإهدار الكرامة الإنسانية ... مواقف تستهوي المسؤول خلال خرجاته لتفـقد حال الناس وحال التنمية والمشاريع، والمستهدف بهذه البِدعة المشينة هو المسؤول الأدنى رتبة في السلم الوظيفي بل وقد تكون أحيانا موجهة من مسؤول مُعين بقرار ضد مسؤول مُنتخب!

🖋 بدأت هذه الظاهرة منذ سنوات في حدود ضيقة ثمّ اتسعت وشاعت مع تسابق القنوات إلى هذه المشاهد لتجعل منها مادة إعلامية مثيرة لتـنـميط العقول والقلوب والمواقف. ثم انتهى بها الأمر، أي تلك المشاهد، إلى أن استقرت وتحولت إلى سلوك اعتيادي مغـري له بريقه وجاذبـيته بين الناس، فاستحسنوه إلى أن اعتادوه وألِـفُـوه.

🖋 يُعــزى استخدام هذه الترسانة من المسرحيات والتعابير الفتاكة والمدمرة للكرامة الإنسانية والأدب والذوق إلى الرغبة في التسويق لبعض الرعاية والالتزام بديموقراطية الواجهات والشكليات، وصرامة المسؤول وحزمه بحق المقصرين ممن هم أدنى منه رتبة لصناعة رأي عام مُلـتف وداعم، يهلل ويهتف. هذا إلى جانب طبعا السعي لكسب مكانة معينة في السلم الوظيفي صعودا ولو على حساب كرامة الناس. ورغم كل ذلك "التّـطْـياح" يحافظ المسؤول الصغير المقصر المغضوب عليه، الكومبارس في التمثيلية على منصبه ووظيفته، وتستمر معه حالة الفساد والتقصير.

🖋 لا أدري من أين تسلـل هذا التكتيك السياسي الغريب إلى ساحاتنا، ولكن الأكيد عندي أنّ مصدره ليس البلاد المتقدمة في الغرب و لا في الشرق حيث سلطة القوانين هي من تـؤطر وتنظم الممارسات في هذه السياقات من العلاقات بين المسؤولين، وتسندها الهيئات الشعبية المنتخبة التي تراقب وتحاكم بصرامة وحق واعتدال، فينضبط المسؤول وتستـقـيم الحياة ويسعد الناس.
🖌 🖌 لا تنسونا من صالح الدعاء، وربي يحفظ الجميع.

❤️❤️ شكرا لكم ... معلمينا!

 ❤️ المعلم – المربي – الأستاذ ... ألفاظ تطلق على صاحب الرسالة السامية والفضل الكبير والشرف الرفيع والمقام الجليل، الجلد الصلب الذي يتحمّل كل ما يترتب عن تلك الاوصاف والنعوت من مشاق ومتاعب وتضحيات لا يُقدّرُها أو يشعر بوطأتها ومآسيها إلا من عاشها وجرّبها واكتوى بهمّها وبلواها وألمها وحملها.

❤️ عبر مختلف العصور والأزمنة، وفي المجتمعات التي تعي وتدرك قيمة العلم والتربية، كان المعلم دوما محل توقير وتقدير واجلال ومهابة واعتزاز واحترام ... وفي المقابل، وفي المجتمعات المتخلفة الساقطة في التيه والضياع، الفاقدة للوعي والادراك، الغائبة عن الزمن والتاريخ، والتي ينخر فيها الجهل ويفتك بها القهر... فالصورة مقلوبة تماما.

❤️ ففي هذه المجتمعات البائسة، تحولت الإشارة إلى المعلم والاشادة به الى بروباغندا موسمية فارغة وتافهة وسمجة، ترتّب عنها مزيد من تشويه صورته وتخفيض قيمته وتحقير مكانته وتقزيم مرتبته ... إلى أنْ وصل الأمر – ابتداءا – إلى حدّ التشهير به والتجيـيش ضده والتـنكيت عليه.

❤️ لقد غدى المعلم في المخيال الجمعي والثقافة الشعبية، سواء السوقية الشوارعية أو النخبوية السياسوية، مضرب المثل في الطمّع والجشع، صاحب الكرش الكبيرة التي لا تشبع ولا ترتوي، اللاهث وراء الزيادات والمردوديات والعلاوات والمخلفات والمرتبات والترقيات، المتمتع بكثرة العطل والراحات والاضرابات، وصولا – مؤخرا – إلى الطعن بالسكاكين والصفع بالأيدي والركل بالأرجل.

❤️ مع هذه المرارة والغصّة، لن أطيل الحديث والتعبير والتوصيف، فالمشهد جلّي وواضح، فدعوني أتوجه - بمناسبة انتهاء السنة الدراسية، وعبر أساتذة المقاطعة التفتيشية المسيلة 2 - إلى كل معلم مخلص لرسالته، صادق في عطائه، مؤمن بعظمة الأمانة رغم الأدواء والتحديات... بدون اقنعة أو مساحيق "الماكياج" بكل مشاعر الاحترام والتقدير والحب والود والامتنان.

❤️❤️ فشكرا لكم ... معلمينا ❤️❤️
                           ❤️❤️ لا تنسونا من صالح الدعاء، وربي يحفظ الجميع.
شاهد الفيديو:

جمعية بسمة اليتيم – خليل ... العلامة الكاملة !

✔️ عشق النجاح شعور تهفو اليه الأنفس وتتعلق به الآمال والطموحات... شعور يولد مع الانسان ويبقى ملازما ومصاحبا له على مدار سنوات حياته، شعور يتسلح به للارتقاء إلى أرفع المراتب والمنازل، وبلوغ أعلى القمم والمراتع ومتاخمة أعتاب المجد والجمال والسعادة... بعيدا عن أجواء الانهزامية والسوداوية التي طبعت حياتنا واصبحت تحيط بنا من كل جانب، ودروب الفشل ومحطاته ومكامنه التي أضحت سالكة ومُهَيَّأة للولوج والارتياد.


✔️ جمعية بسمة اليتيم – خليل ملحمة نجاح فريدة وقصة ريادة نوعية، تستأهل منا التقديم والتعريف والابراز لتكون نبراسا للتحفيز واستثارة العزائم التي تروم النجاح في بلدتنا وغير بلدتنا.

✔️ الجمعية قصة نجاح كانت ثمرة تكاثف جهود جماعة من أبناء البلدية، الخيّرين الطيبين، المفعمين بروح العطاء والبذل والتضحية، جوهر نشاطهم الدؤوب وتاجه الصدق والإخلاص وصلاح النية واليقين والتفاني والاتقان بعيدا عن الأمراض والعلل النفسية التي الفها محيطنا من الدسيسة والمكيدة والتربص والتيـئـيس والتثبيط والانانية والغيرة والحسد والحقد ... فـتبًا لهذا الصنف من البشر بل من النفايات الشيطانية التي افسدت علينا حياتنا وشوهت دنيانا وكل جميل فيهما.

✔️ بتاريخ 27/05/2023 نظمت الجمعية يوما تحسيسيا لفائدة التلاميذ المقبلين على الامتحانات الرسمية (شهادة البكالوريا BAC وشهادة التعليم المتوسط BEM) فكان يوما مشهودا للنجاح يضاف إلى رصيدها... نجاح تجلّى في حشود التلاميذ الذين لم تسعهم القاعة - على شساعتها وحجمها - في المركز الثقافي، وطريقة تدبير النشاط من بدايته حتى نهايته من خلال الوقوف بجد وحزم لتوفير الهدوء، ومستوى التفاعل والتجاوب النادر بين المنظمين والضيوف من مؤطرين ومدعوين وتلاميذ.

✔️ باسمي الخاص، أتقدم إلى كل أعضاء الجمعية، عضوا عضوا، كلا باسمه، بكل مشاعر الامتنان والشكر على الجهد المبذول والتنظيم المرصود، وعلى كل صور التوقير والحفاوة والكرم والتكريم التي حضينا بها، ومشاعر الحب والاخوة التي انتابتنا واجتاحتنا في كل لحظة من هذا اللقاء الناجح.

                           ✔️✔️✔️✔️ من القلب ... شكرا لكم ✔️✔️✔️✔️

رابط صفحة الجمعية على الفيسبوك: https://www.facebook.com/Basmet.Alyatim.Khelil


شاهد الفيديو:

les Algeriens rassa ... الجزائريون راصه !

🖌🖌 كم نحن بـشعون !
🖌 les Algeriens راصه واللي خرب فينا باصه، هي خلطة لغوية هجينة مسْـجوعة تستخدم في المناسبات الكروية بالخصوص للتعبير عن العظمة والرفعة والتفـرّد، وتضخيم الأنا الجمعية المدمرة والمبالغة في النرجسية السامّة، والتمركز حول الذات والاستغراق فيها بل وتقديسها، وتداول كل تلك الشعارات المزعومة والمريـبة التي شوّهت القيم وتلاعبت بالمبادئ تحت عنوان بارز " أحْـنا وَحَـدْنا = نحن فريدون ونحن المركز والاخرون لا شيء"!

🖌 لا أحد بإمكانه أن ينكر بأنّ هناك من رمى - متعمدا - في أذهاننا فكرة أننا نحن الأخيار والأفضل والأحسن والاجدر... وقذف في وعيـينا الجمعي بأننا شعب الله الفريد والمختار بين الأمم القريبة من دائرتنا الحضارية أو الجغرافية أو العرقية. والهدف الظاهر من نفخ هذه الأنا وزرع هذه الأوهام هو تعزيز الروح الوطنية وتقوية مشاعر الانتماء، بينما يكمن الهدف الخفي المستتر في تعميق سلوك الانصياع والانقياد.

🖌 نعم، نحن بشعون وسيّئون حين سمحنا لسلوكيات "القباحة" والسفالة والعنجهية أنْ تصبح قواعد عادية تدل على القوة والبأس، وترديد كلمات وعبارات تمس الذات الإلهية شجاعة وفخر واقدام، واجتياح الجماهير لملاعب الرياضات بطولة ونجومية واستعراض ومصدر للإعجاب والافتخار، والالتزام بالنظام والقانون خوف وجبن، وتحدّي رجل الأمن ذكورة وعنفوان، وتكسير المرافق العمومية وتخريب الكراسي والانارة في الشوارع وغيرهما غلاف للفحولة والرجولة، والتعدي على الممتلكات حرقا وتدميرا في بلدان الناس احتفالا بانتصار كروي شجاعة وهمّة وغلبة ونفوذ وعالمية، والعنف والوحشية بكل اشكالهما خطابات للتباهي والعجرفة.

🖌 انّ ثورةً عظيمة ابهرت العالم بزخمها وعنفوانها ومجدها لا يمكن أنْ تكون ثمارها مجتمعا تكون أكبر أزماته سلّم القيم المختل والساقط المنكوس، سلّم كلّه قبح وبشاعة وشناعة وغطرسة، والأقبح أن يُصَـيّر هذا السلّم المزيّف إلى عنوان للجمال والعظمة، ومنبع للزهو ومثار الاحتفال والاحتفاء.

🖌 إننا لم نسمع من الذين يتزعمون العالم ويقودونه بجدارة واقتدار، في الشرق وفي الغرب، ما نردده نحن عن أنفسنا وفي أنفسنا لأنهم مشغولون بالعمل والانجاز، ومنهمكون في صناعة الحاضر والمستقبل. فلاريب أنّ العظمة لا تكون بهذا الانتفاخ الفارغ وباختراق منظومة القيم الأخلاقية وهتك أستارها والغرق في قيم لا صلة لها بالطبيعة البشرية والإنسانية، ولا بالمرجعيات السماوية وحتى الوضعية النبيلة... بل بالأخذ بكل شروط النهضة والتحضر، والامتثال للقيم التي تُـظهر أجمل وأسمى ما في الانسان: عقله وخُلقه.

🖌 وفي الختام، نؤكد على أنّ عمق أزمة منظومة القيم التي تضرب مجتمعنا جعلت الوضع عندنا لا يطاق بل ويزداد انحدارا لينذر بمزيد انحطاط وضياع، ولهذا يجب المسارعة بكل جرأة إلى وضع وصفات لبعث القيم الأصيلة التي تعبر عن انحيازاتنا الحضارية. والأكيد أنّ مشهد موقف الإمام مع القطة في أحد مساجدنا جدير بأن يكون رسالة لتغيير جوهري يعيد توجيه البوصلة القيمية والاخلاقية.
🖌🖌🖌 لا تنسونا من صالح الدعاء، وربي يحفظ الجميع.



عبق الذكريات ... أحلام معلقة وفسحة للتحرّر!

لمشاهدة الفيديو: أنقر هنا

🖌🖌 الجزء الأول: صفحات من الأحلام والآلام.
🖋🖋 في لحظات رومانسية حالمة ونوستالجيا عابرة لتفاصيل دورة الساعات الرمضانية وأيام العطلة الرتيبة، يستدعي العقل برفقة القلب محطات خالدة مضيئة ودافئة من الماضي، عصيَّة على النسيان، تجتاحنا وتخترق حاضرنا فـتـثير الشجون وتهيِّـج الذكريات وتبعث الحنين والشوق إلى سحرها وجمالها وبريقها ورونقها، فتهوّن عن كواهلنا متاعب حياتنا الحاضرة بكل تعقيداتها وأزماتها.

🖋🖋 خلال حملة تنظيف في المستودع (الڤاراج) بدأت أقلّب سجل الصفحات والأوراق، واتـفـقد صناديق مخزون الذكريات القديم بعد أن عثرت بين طياته على أرشيف يسرد قصص دراستي وعلاقاتي ويروي حكايات مشاعري وأحلامي وطموحاتي في الماضي الجميل، وصورا توثق مختلف مراحل العمر ومحطات الدراسة المتعاقبة.

🖋🖋 نقطة البداية في رحلة الاستغراق والاسترجاع هذه كانت بالعثور على نسخة من جريدة النصر القسنطينية، والتي نشرتُ فيها مبكرا خلال المرحلة الجامعية (السنة الثانية – قسم التاريخ – جامعة منتوري - 1989) محاولاتي الأولى للكتابة والانشاء والتدوين. وفي الشريط المرئي المرفق تظهر الأسطر الأولى لقلمي لِما يمكن أنْ نسمّيه مجازا مقالا. ثم تبعتها كتابات أخرى لكنها ضاعت مني في زحمة الحياة وضربات الزمن وتقلباته ونكباته الثقيلة المتتابعة أو أنها لا تزال مدفونة مختفية في ركام الأرشيف الهائل.

🖋🖋 في الحي الجامعي "زواغي سليمان" بقسنطينة عشت الانعزال مع حياة ومتعة وسعادة قراءة الكتب كغذاء للعقل ودواء للنفس وعلاج للانعتاق من الجهل والانقياد، فكانت هي المؤنس والجليس، ومع مُـلازمي المذياع الأصفر مصدر الأخبار كل ساعة، ورفيقي مُـشغّـل أشرطة الكاسيت منبع المتعة والبهجة في السهرات حين يجنّ الليل ويطول.

🖋🖋 وفي هذا الحي الجامعي بدأت مقدمات قصتي مع الكتابة التي انقطعت عنها بعد التخرج سنة 1991 والعودة إلى قريتي الصغيرة حيث تكثر المقاهي وتحضر المناسبات وتنعدم المكتبات وتغيب المؤلفات، هذا إلى جانب التفرغ لمتاعب التدريس. فتبخرت الأحلام وتبدّدت الآمال في قرى وأرياف العدم والموت يومذاك.

الحسد والغيرة هما السر!

🖍🖍🖍 بلدية خليل وعاء انتخابي له اعتباره ووزنه في الاستحقاقات الانتخابية المحلية والوطنية، فهو الوعاء الثالث بعد مقر الولاية وراس الوادي، ورغم ذلك تبقى خارج نتائج تلك الاستحقاقات والحسابات، بتكريس عجزها عن تصعيد نائب واحد إلى المجلس الشعبي الولائي ناهيك عن المجلس الشعبي الوطني، وتذهب الأصوات إلى مرشحي بلدات أخرى عدد سكانها لا يكاد يتجاوز نظيره في قرية صغيرة من قرى البلدية.

🖍🖍🖍 في مناسبات متكررة تقدّم الدكتور "شيحة لخميسي" – رحمه الله – للانتخابات البرلمانية معتمدا ومراهنا على الكتلة الانتخابية الصلبة التي تحوزها البلدية، لكن الفشل كان حليفه في كل محاولاته، وكنت ألمحه، بعد أن تنفضّ المهزلة، تعلو نفسه ووجهه الخيبة والحسرة، ورغم ذلك كان دوما يبقى محافظا على علاقاته ببلدته وأهلها قبل أن يعود إلى مسكنه وجامعته في العاصمة – رحمة الله عليه 


🖍🖍🖍 ونفس السيناريو كان يُعاد ويستنسخ مع المهندس "عيساوي نورالدين" الذي ترشح لنفس المنصب، غير أنّ النفايات البشرية من البُلهاء العُبط والحمقى الانتهازيين كانوا يُمعِـنون بخبث في التخطيط والتدبير بالليل والنهار لإفشال الرجلين، ليحصد الفاسدون الأمّيون، تجار الانتخابات، وبائعو الوهم، المستثمرون في آلام وحاجة الناس أصوات البلدية. وفي الانتخابات الأخيرة توزعت البلدية بين مجموعة كبيرة من المترشحين، وربما كان هذا التشرذم والتمزق بتخطيط صُـمّم في الدهاليز المظلمة، فضاعت الفرصة وخسر الجميع وانتكس، حتى على المستوى الولائي، ولكن البلدية كانت هي الخاسر الأول والمهزوم الأكبر.

🖍🖍🖍 حان الوقت لكي نقف مع أنفسنا ونُـقر بأن الطبائع الفاسدة والملوثة والمشاعر البغيضة والذميمة التي تتوق - تتمنى - ترجو وتدعو في السر بزوال النعمة عن الآخرين، وهو العَمَى الذي يدفع تلك النفايات إلى بذل كل ما في الوِسع لإفشال أبناء البلدية النجباء من الارتقاء وبلوغ مناصب عليا تعود بالخير على أهلها. فيستبسلون في البحث عن مرشحين من خارج البلدية ويساندونهم ولو كانوا أصفارا، ويشعلون فتيل الجهوية والعشائرية لكسر أي إجماع خدمة لرصيد مرشحهم، إلى جانب تشويه سمعة كل مرشح يشعرون بأنّ الفوز سيكون من نصيبه.

🖍🖍🖍 ولأنهم من طينة غير آدمية، تجدهم في اليوم الموالي للانتخابات هم أنفسهم يلعنون هذا الواقع القبيح نفاقا وكذبا لكي يدفنوا خطاياهم وخزيهم وعارهم إلى أنْ يحين موعد المهزلة الموالية. فاهتدوا أو انقرضوا خدمة للصالح العام.
🖍🖍🖍 لا تنسونا من صالح الدعاء، وربي يحفظ الجميع.

بين البارح واليوم ... انقلاب أجيال وقـيم !

-- رحلة عبر التُّـفَالِ والرّكلِ والخنجرِ --
📖📖📖 1/ محطة التُـفال:
🖍🖍🖍 نبدأ من محطة التـفَال المنتمية زمنيا إلى البارح، ففي مدرستي الابتدائية، وداخل قسم السنة السادسة (1979-1980) مع المُعلم السطايفي (ڤرڤور ط) رحمة الله عليه إنْ كان من الأموات وأطال في عمره وبارك فيه إن كان لا يزال ينعم بالحياة، اجتاحتني نوبة غضب شديدة لناحية موقف شعرت فيه بظلم وعسف وجـور، قمت ثائرا معترضا ومنتقدا بصوت طفوليّ حاد وبَريء، ثم أطلقت الساقين للريح هاربا عائدا إلى البيت حيث بقيت خائفا أترقّب. وعلى ما يبدو أنّ معلمي التقى بوالدي - رحمة الله عليه - في المقهى التي تعوّدا لعب الدومينو فيها، وحكى له ما بدر مني، وعند عودته إلى البيت لم يُشعرني الوالد بشيء، فاستراح البال وهدأ الرّوع ونمت بسلام.

🖍🖍🖍 في صباح اليوم التالي التحقت بمدرستي، وبالقرب من الباب الكبير لمدخلها، وأنا أهـمّ بالدخول أمْـسك أحدهم بكتفي بقوة وأدارني إليه، آه بُّـيْ (أبي = والدي) ... إنه والدي، شدّ رأسي بقوة ثم جمع في فمه ما أسْــعفه جهده وعضلات فكّه من تُـفال ثمّ فتح فمي بإصبعيه عنوة وأفرغ فيه كل حمولة التفال على مرأى من جميع اقراني في كامل المدرسة ثم انهال على جسدي الصغير ضربا وعلى نفسي تحقيرا وتبخيسا.

🖍🖍🖍 لقد تعمّد الوالد تأديبي أمام كل التلاميذ على طريقته المتناغمة مع كل المرجعيات والمواثيق والأعراف التربوية والأخلاقية والاجتماعية والأسرية المألوفة والغالبة آنذاك، على الأقل في بلدتي الصغيرة. وكان الوالد يرغب في ردّ الاعتبار لكرامة معلّمي الذي عارضته ورفضت موقفه وهربت من قسمه. شعرت بجرح غائر أصاب الكبرياء أمام الأقران وأذى شديد حلّ بالجسد وألم فظيع اكتسحني ندمًا وحسرة على ما اقترفته.

🖍🖍🖍 لم أملك حينها من حيلة سوى أنْ طأطأت رأسي وانسحبت صوب حجرة الدرس منكسرا باكيا. ولاتزال تلك السردية والواقعة تقتحم تفكيري وتخترق حاضري كلما شاهدت الشريط اليومي المتكرر الذي يحكي بمرارة حالة المروق المخيفة والمريعة عن نظام القيم وسلم المواثيق التي يعيشها مجتمعنا وفي صدارتها المدرسة المكلّفة برسالة التربية قبل المعرفة.

📖📖📖 2/ محطة الرّكْـل:
🖍🖍🖍 مرّت الأيام وتعاقبت السنوات، وفي ثانوية البلدة المجاورة، خلال سنة دراسية لا تسعفـني ذاكرتي على تحديدها، ولكنها ضمن هذا المجال الزمني (1994-2001) سلّمتُ أوراق الاختبار للتلاميذ، فقام أحدهم برمي ورقته على وجهي رافضا العلامة الممنوحة له. لم اتمالك نفسي وقمت اليه مغتاظا وانهلت عليه بالضرب ركلاً ولكماً وهو يحتمي بين صفوف التلاميذ إلى أنْ تمكّن في الزّحام من التملّص إلى خارج القسم، فـتبعته الى الساحة وأوقعته أرضا وأشبعته صفعاً ولطماً، ولو لم يسحبه من بين يداي المراقب العام – رحمه الله – لقضيت عليه، ولَصَيّرتني رُعونتي مجرما قاتلا يقضي بقية عمره سجينا. ومن غرائب مفارقات الزمن أن أكون في هذه المحطة أنا الضّارب وليس المضروب، وأنا المعلّم وليس التلميذ.

🖍🖍🖍 عُـدت إلى البيت في المساء، وتفاجأت بالوالد – رحمه الله – يعـنفـني بشدة ويُخوفـني بخسارة وظيفتي قائلا: " راك تلعب بخبزتك" ثمّ أخبرني بأنّ والد التلميذ المضروب، وهو مدير مدرسة ابتدائية، قصد بيتنا وهدّد باللجوء إلى القضاء لمحاكمتي على فعلتي. ولأننا نعيش حينها في زمن بداية الانقلاب في منظومات القيم العليا والانسلاخ من الثوابت الشريفة السامية واهتزاز قواعد الرفعة والاحترام، انتابتـني مشاعر الخشية والحرص، فأسرعت إلى بيته مُعتذرا مُظهرا ندمي وأسفي. ومن عجائب مفارقات الزمن في هذا الموقف أيضا، أنّ والدي في محطة التفال السابقة بَالغَ في إهانتي وإذلالي انتقاما مني لمعلّمي، بينما في هذه المحطة لم يتردّد الوليّ بالتفكير في إلحاق الأذى بي بمقاضاتي انتقاما مني لتلميذي.

🖍🖍🖍 بعد هذه المحطة بقليل بدأت الكثير من التقاليد والأعراف التي طبعت علاقاتنا التربوية في الانحصار الذي أعقبه الانصهار التّام والغياب الكامل. فلم نعد نسمع من أولياء الأمور تلك العبارة المَجَازِية الشهيرة التي كانوا يخاطبون بها المعلّم ويؤكدون عليها بشأن أولادهم: " أنت تذبح وأنا نسلخ " لتعوضها العبارة القميئة والمهينة " قرّيني وأنا سِيدك ". ومع تراكمات سياسات سطحية فاشلة ومرتبكة، وترقيعات متعجّلة خائبة، كانت حصيلة هذه النقلة قاسية وقاسمة، حيث وُإدت بها ومعها كل صورة جميلة بهيّة، وكل قيمة نبيلة راقية في ساحات المنظومة الحياتية الأسرية والتربوية والمدرسية والمجتمعية ... الخ، مقابل إخراج كل تافه وساقط وقبيح وتشجيعه ليسود تلك الساحات ويعمّها.

📖📖📖 3/ محطة الخنجر:
🖍🖍🖍 ننهي موضوعنا من محطة الخنجر المنتمية زمنيا إلى وقتنا الراهن الذي بلغ فيه طوفان انهيار القيم ذروته ودورة الأجيال مَداها حين أقدم تلميذ على طعن استاذته (ريحانة) بخنجر في الظهر هذا العام (2023). والأمر الذي شدّني واستوقفني مرارا أمام تلك الواقعة وأثار مزيدا من مشاعر القلق هو أنّ من تورّط فيها هو تلميذ في المتوسط، وهي حالة تنطوي على انحراف خطير يقض المضاجع ويشير بل ينذر بنهاية مرحلة الاعتداء الجسدي واللّفظي وبداية مرحلة جديدة متقدمة في السوء تجردّت فيها هذه الفئات العمرية المبكرة من معالم الطفولة والبراءة والصفاء والنقاء المعهودة في مثل هذا العمر، فانخرطت في السلوك الإجرامي واستباحت دماء من كاد أنْ يكون رسولا.

🖍🖍🖍 وبالعودة إلى تلك الفاجعة وسيْـل المناظر والصور الملطخة بالدماء والموغلة في الفظاعة والقساوة، اهتزت وجدانات كل انسان لا يزال محافظا على انسانيته وآدميته، وأيقظت مشاعر ملتهبة مختلطة ومتشابكة تأرجحت ما بين مرارة الموقف وأوجاعه والتعاطف مع الأستاذة المغدورة والخوف والتوجس من التعرّض لنفس المصير. ثمّ أخذت هذه الحالة تتكاثر وتتزايد بعد أنْ تلـتها سلسلة من الوقائع المشابهة، تبادل فيها المعلّم والمتعلّم دور الجلاّد والضحية. وسوف يزداد الصداع ويرتفع منسوب التوتر والدمار إذا تحوّلت هذه الوقائع المأساوية إلى ظاهرة تصبح فيها الخناجر والطعان والقتال والدماء ... مشاهد مألوفة ومعتادة في مؤسساتنا التربوية!

🖍🖍🖍 إنّ هذا الواقع الصعب الذي أضحت تكابده مدرستنا، والارتباك الجليّ في العلاقة بين الأجيال الناتج عن التطور الهائل في أنماط الحياة وتسارع ايقاعاتها يصيب كل مُهتم بشؤون التربية والتعليم والمدرسة بالقلق والحيرة، ويجد نفسه حيال ركام هائل من الأسئلة المعقدة المُـفضية إلى تساؤلاك كبيرة ومخيفة: إلى أين نحن ذاهبون؟ وإلى أين سنصل؟ وهل من دواء لهذه النزيف المدمر الذي يتسع ويمتد؟ وهو ما سوف نجتهد لتشخيصه ونحاول تلمّس الطريق صوب العلاجات الممكنة انطلاقا من الواقع والتجربة.

 المواجهة العسكرية الأوربية الأولى 

-- المكتسبات القبلية | أسباب المواجهة –
📖📖📖 برنامج البواربوانت (PowerPoint)
🖍🖍🖍 أعرض عليك الموضوع وأبسطه في قالب بواربوانت (PowerPoint) مميز ووظيفي يوفر لك الجهد والوقت ويمنحك الجودة المرجوة والمأمولة، ويضفي على النشاط روح الابداع والتجديد والحيوية، وأيضا يعبر بقوة وبوضوح عن مدى الحرص على مواكبة الأنماط الجديدة في مجال عرض المعرفة والتفاعل مع فضاء التربية والتعليم للتخلص من الأنماط التقليدية الرتيبة الفاشلة التي شاخت وتشبّعت شيخوخة، وأضحت هشة ومنهكة لا عائد منها يُـحقق ولا طائل يُـنتظر.

🖍🖍🖍 زيادة على ذلك، فإنّ توظيف هذا البرنامج يؤدي إلى تحبيب المادة للتلاميذ وتسهيلها عليهم وترغيبهم فيها، وكذلك كَـنس ساحـتـنا وتخليصها وتطهيرها من النفايات والطفيليات البشرية التي تجرأّت على مادتنا الجميلة وارتدت كِساء الأستاذية وتلبّسته في المواقع على الشبكة العالمية ودورات التحفيظ التجارية السخيفة والمقيتة. وأقولها بكل حسرة وبالدارجة: لقد أصبح "اللّي سْخَـف وحَـبْ يْـقَـرّي ويَـتشهـرْ يجي للتاريخ والجغرافيا"، وإني هنا أطلق دعوة صادقة وصرخة عاجلة إلى كل من لديه غيرة على هذه المادة أن يكون عونا وركيزة في ترجمة مبدأ " مادتنا للفهم وليست للحفظ " إلى واقع ملموس ومحسوس.

📖📖📖 لصوصية تربوية
🖍🖍🖍 تصفحت الكثير من المذكرات التربوية المنشورة في فضاء الشبكة العالمية التي تناولت وضعية "المواجهة العسكرية الأوربية الأولى" وبالتحديد أسبابها، والثابت أنّ هذه المذكرات هي حصيلة جهد معتبر يُـحمد ويُـثمّن، والأغلاط المسجلة فيها وعليها لا تنقص من قيمتها وفائدتها، اذ يكفي لأصحابها فخرا وعزا أنهم حاولوا واجتهدوا فأنجزوها بجدّهم وجهدهم ومثابرتهم بدلا من اللجوء الى ظاهرة خطيرة للغاية أصبحت وباء يتفشّى في ساحتنا التربوية.

🖍🖍🖍 يتمثل هذا الوباء في أنّ البعض يسرق المذكرات ويسطوا عليها تصميما ومضمونا، وبالنقطة والفاصلة واللّون، وينسبها لنفسه، فيدوّن اسمه عليها في موقف أقل ما يقال فيه وعنه أنه لصوصية وضيعة ملفوفة في غلاف من التضليل والتدليس. وأمّا عن تلك الأغلاط المسجلة، فتأتي في مقدمتها اهمال العوامل الرئيسية التي فجّرت المواجهة والاكتفاء باستكثار عوامل كان تأثيرها هامشيا وغير مؤثر. زيادة على ذلك الخلل الموجود في ترتيبها من حيث وجاهتها وقيمتها التي تسببت في هذه الكارثة الانسانية. ناهيك عن الأسلوب الانشائي السردي الممل الذي يضاعف من متاعب التلميذ في التعامل مع مادتنا.

📖📖📖 المكتسبات القبلية
🖍🖍🖍 إنّ ما يبعث على الشعور بالأسف والحسرة هو أنّ البعض يستخف بمرحلة فحص وتدقيق المكتسبات القبلية مع بداية الحصة الصفية كمداخل حاسمة وفاصلة تسبق الانطلاق في التعلمات الجديدة، فلا يمكن للبناء أنْ يستقيم ويستقر بدون اساسات ودعامات متينة وقوية وصلبة، وهنا أتساءل مستفسرا : هل تناول هذه المكتسبات واثارتها عملية مكلفة وشاقة حتى يتمّ تغييبها عن مسرح العمليات والأنشطة التعلمية !

🖍🖍🖍 وأمّا عن عوامل المواجهة غير المباشرة "البعيدة" فأقترح عليك ترتيبها بصيغة ترابطية وتراتبية (سبب – نتيجة) حتى نعزز قدرة الاستيعاب والفهم عند التلميذ بعيدا عن ظاهرة الحفظ المرهقة التي تهدر جهده وتضيع وقته، فيستسلم لليأس وينفر من المادة، ثمّ يُـشبعُـها ذمًا ولومًا بعد رسوبه فيها بالخصوص في امتحان البكالوريا.

📖📖📖 أسباب المواجهة
1/ المنافسة الاستدمارية: تحتل صدارة الأسباب التي دفعت بالعلاقات داخل قارة أوربا إلى التسمّم والتوتر، وهي منافسة تعود إلى فجر النهضة الأوربية وما رافقها من رحلات بحرية سميت زورا كشوفات جغرافية في القرن 15م ثمّ اتسعت المنافسة واشتدّت في مرحلة الثورة الصناعية في أوربا في القرن 18م. وفي كل هذه المحطات كانت تظهر فيها دول استدمارية جديدة على سبيل المثال (ألمانيا – إيطاليا) في النصف الثاني من القرن 19م. فأصبحت الحلبة مزدحمة ومكتظة، والصراع حتمية لا مفر منه بين الدول الاستدمارية التقليدية والأخرى الملتحقة حديثا بالحلبة.

2/ القومية المتطرفة: كان لها أثر كبير في تجييش العواطف وتعزيز تجنيد الشعوب وراء الحكومات لتحقيق مصالح الوطن والتفوق والريادة بأي ثمن، حتى ولو اقتضى ذلك خوض حروب مدمرة وقاسية داخل أوربا، وأيضا إبادة شعوب وأمم خارج أوربا. وهنا يجب الإشارة إلى أنه مع اتساع نطاق المنافسة الاستدمارية واحتدامها تحوّل الاستدمار إلى المعيار الأول في تصنيف الدول وتحديد قوتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية.

3/ سباق التسلح: لا يمكن تصوّر منافسة استدمارية واستيفاء الضرورة القومية بدون أنّ تسندها وتؤازرها ترسانة عسكرية قوية تفوق تلك التي يحوزها الخصوم. ولهذا من البديهي أن تكون مراكمة السلاح والسهر على تحصيل الأكثر فتكا وتدميرا من هذا السلاح من دوافع تفجيرهذه المواجهة.

4/ سياسة التحالفات: تنبني وترتب هذه التحالفات على قاعدة تشابه المواقف والمصالح، ومن خلالها يتمّ فرز القوى السياسية وتحدّد كل واحدة منها الحلف الذي تتخندق فيه ومعه. فتشكلت خريطة توازنات جديدة في أوربا قبيل اندلاع المواجهة. وعلينا أن نعلم أنه على مدار التاريخ كانت التحالفات دوما هي التي تمهّد للصدامات والصراعات (الأزمات الدولية).

🖍🖍🖍 بعد الانتهاء من تناول عوامل اندلاع هذا الصراع في 1914 يأتي التذكير بأنّ المواجهة بدأت أوربية بعواملها وساحاتها وأطرافها، ولهذا يطلق عليها " المواجهة العسكرية الأوربية الأولى ". وعند الانتهاء من تناول تطوراتها وانعكاساتها وآثارها نُذكّر بأنها اكتسبت البعد العالمي " الحرب العالمية الأولى " بسبب امتداد ساحات القتال فيها خارج أوربا، وأيضا التحاق أطراف غير أوربية بها، وانعكاساتها التي طالت العالم كلّه.

🖍🖍🖍 وخلاصة القول (الترابطية والتراتبية تُـغني عن الحفظ): المنافسة الاستدمارية أجّجت القومية المتطرفة لتحقيق مصالح الوطن، ولبلوغ هذه المصالح وتحقيقها أصبح التسلح ضرورة، والتحالف مع القوى الأخرى التي تتشارك في المصالح والاهداف سياسة واستراتيجية، والحصيلة أزمات عمّقت العداء وجرّت إلى حرب طاحنة.
*** لا تنسونا من صالح الدعاء، وربي يحفظ الجميع.
*** رابط تحميل ملف البواربوانت: أنقر هنا
*** لمشاهدة المقطع المرئي للملف: أنقر هنا

التجديد والاصلاح ... الروح الغائبة!

--- الهيكل والعجلات ---
*** هناك نمط من التفكير الانهزامي والتبريري اتسعت مساحاته وامتدت في مجتمعاتنا يتمحور حول السعي لتبرير أي عجز وأي فشل أمام العمل والفعل، ويأتي هذا النزوع من أجل الوقوف بقوة أمام التجديد الذي يراه البعض عبئا ثقيلا لا يقدر على مواكبته ومسايرته، وقد يكون أيضا إحراجا له ولكفاءاته ومؤهلاته. ولا أدلّ على ذلك من تحويل إهدار ركلة جزاء من طرف لاعب إلى فضيحة ومطية لتبرير فشل منظومة كاملة.

*** وما يؤلم أكثر هو أنّ الخطأ في مجتمعات العجائب والغرائب يتسبب في حملات مسعورة واسعة من التشويه والقذف... ولكُـم أن تتخيلوا نفسية هذا اللاعب المسكين الغالط وحالته ومستقبله في اللعبة. وللأسف وقائع تؤكد كل يوم أننا مجتمعات تملك قدرة عالية ورهيبة ومخيفة على تحطيم العزائم والارادات وقتل المواهب والمهارات، رغم أنّ المنطق والواقع وكل الحسابات تثبت بأنّها مجرّد لعبة للترويح والتنفيس.

*** إنّ التجديد في شؤون التربية بكل جزئياتها وتفاصيلها صورة تعكس بوضوح هذا التوجه والنزوع ... هذا إذا كان الاتفاق معقودا بيننا على أنّ نمط الحياة وشكلها وترتيباتها وطرقها ونُظمها وأنماطها السلوكية ومرجعياتها الأخلاقية وبنياتها الفكرية ... كلّها تتعرّض للانتقال والتحول والتبدّل وبوتيرة مرتفعة ومتسارعة، بل يجب أن يحدث ذلك شئنا أم أبينا. فإذا كان الكون في حركة دائمة والطبيعة في تغير مستمر، فمن باب أولى أن يكون هذا شأن الانسان ودَيدنُه.

*** إنّ مجال التربية والتعليم جزء من هذه القاعدة، هذا إذا اتفقنا هنا أيضا على أنّ لكلّ جيل أحواله الذهنية وتركيبته النفسية والسلوكية المرتبطة أساسا بتكوين وطبيعة محيطه القريب والبعيد في ظل العالم الذي صار قرية أو لـنقُـل شارعا في قرية. كما أنّ حاجياته ورغباته ومتطلباته تختلف تماما عن الأجيال التي سبقته. وللتوضيح أقول: يمكنني أنْ أقطع أنّه لا يوجد اليوم معنى أو تصور للقرية أو البلدة أو العزلة الريفية وبساطتها التي عاش فيها جيلنا في وقت قريب جدا، بل أصبحت كلها فضاءات مدن تختلف في الحجم وتشترك في كل الخصوصيات الثقافية والذهنيات والتصرفات والموروثات.

*** بعيدا عن الأحاديث الانفعالية والحوارات المتشنجة والانغلاق المذموم، وعبر هذا الفضاء كنت دوما اتبادل النقاش مع بعض الأحبة الزملاء حول مواضيع تربوية عديدة ومتنوعة يُـلحون فيها وعَبرها على ضرورة تجديد المناهج أو تعديلها وتحديث صياغاتها ومقرراتها لكي تساير المتطلبات والحاجات وتحقق الغايات والتطلعات، وهو موقف وجيه، ولا ريب هم مـُحقون فيه.

*** ولكن وبالمقابل تراهُـم هم أنفسهم يرفضون لدرجة السخرية أحيانا تغيير الأدوات والطرائق والتهجم على وسائل تجسيد هذه المناهج وتنفيذها كما حدث مع التعلّم عن بعد (اللاصفي) بتوظيف الوسائل السمعية والبصرية خلال كورونا حين قطعنا حبل التعلّم بتبريرات واهية واهمة، فيما واصلت الدول الناضجة والمجتمعات الواعية مسيرتها عبر كل قناة متاحة ومتوفرة... ولا تزال تلك السخرية قائمة تلاحق المقاربة بالكفاءات منذ بداية العمل بها.

*** الانسان عدو ما يجهل، فعلا كنت من جماعة الأساتذة الذين تحفظوا على هذه الفلسفة الجديدة في بدايتها، غير أنه بعد مدة من التجريب شابتها عثرات وسقطات في ظل ضيق الخيارات المتاحة حينها تراجعت واستحسنتها وتعوّدت على الأخذ بها... وبعيدا عن المثاليات والأفلاطونيات، وكفرد من جماعة التربية والتعليم أقول: نعم أنا مُدرك أنّ هذه الفلسفة تحتاج الى ظروف ومناخات رحبة وامكانيات مادية فسيحة وضخمة، نعم أنا أعي أنّ وضع المعلّم المادي والاجتماعي من أولى الأولويات لإنجاح هذا المسعى... ولكن السؤال الذي يحرجنا ويُفحمنا جميعا هو: هل نتوقف في منتصف الطريق ونتملّص من مسؤولياتنا فيزداد سقوطنا سرعة صوب القاع، وتتسع معه الشقة بيننا وبين الآخرين؟

*** وفي الأخير، وكخلاصة يمكنني أن أوجز وأجزم فأقول: لا يمكن لطرائق ووسائل الأمس أن تكون صالحة ومثمرة اليوم، فلا يمكن أن نجدّد هيكل السيارة ونُبقي على نفس العجلات، وأن نغيّـر المناهج التعليمية ونُؤبّــد الطرق والوسائل وخطط ومرتكزات تنفيذ العمليات والنشاطات. وإذا آمنّا بنقيض ذلك وسلّمنا به فإننا نحكم على أنفسنا بالبقاء في الحظيرة التي تعجّ بكل معيب وقبيح ومخزي.

*** لا تنسونا من صالح الدعاء، وربي يحفظ الجميع.

الكشوفات الجغرافية ... عبث آخر بالمفاهيم!

*** إنّ استعراض السياقات والخلفيات التاريخية المتعلقة بالوحدة التعلُمية الثالثة (التحولات الكبرى في أوربا 1453 – 1914) ضروري ولازِم، وبمعزل عن هذه الأساسات والدّعامات تنكسر الحلقات التاريخية وينقطع تيارها ومسارها المتواصل المترابط... فيصعب فهم واستيعاب الانتقالات والتغيرات التاريخية وحينها يلجأ المُتعلم مُكرها إلى الحفظ المرهق ويتعامل معها كمُتون ونصوص لاهوتية أوانشائية بعيدا عن فهم واستيعاب وإدراك التسلسل الطبيعي والمنطقي لحركة التاريخ السُنَـنِـية والعلمية في الكثير من صيروراتها ومساراتها.

*** لا مناص من الإقرار بأنّ هذه الوضعية المؤلمة لمادتنا الحبيبة التي نتحمّل كأساتذة للتاريخ جزء من مسؤولية بلوغها هي التي تسبّبت في استفحال الغش الذي تكاد تنفرد به – التاريخ والجغرافيا – خلال التقويمات، وعلى رأسها امتحان البكالوريا، فشوّهت مادتنا الجميلة وقبّحت صورتها الأخّـاذة وأفسدت عليها تميزها وصيتها، وبدلا من نعتها بمادة السيادة وبكونها المنظار الذي تُدركُ به علاقة الانسان بالزمان والمكان، أضحت محل سخرية وتهكم وتوصف بمادة الغش انطلاقا من دورات المياه اعزكم الله.

*** ولهذا سعيت في هذه المحاولة الاجتهادية إلى التنبيه إلى الحقائق والمحطات التاريخية المتسلسلة والمتتابعة كبدايات مفصلية قبل الانطلاق في بناء مهمات التعلم الجديدة المقررة في التدرجات، وهذا تثبيتا لمبدأ "مادتنا للفهم وليست للحفظ" :

1- لا نُـنكر أبدا أنّ أوربا كانت موطنا وخزّانا لحضارات رائدة ولها افضال رائعة ومبهرة وبالتحديد اليونانية والرومانية في العصور التاريخية القديمة. وبالتالي فرصيد القارة من الحضارة غني وثري، ولكنه خُرّب بسقوط روما وتدميرها في القرن 5 م على يد القبائل الجرمانية البربرية القادمة من شمال أوربا ثم أهمل هذا الرصيد مع الوقت إلى أنْ أهيل عليه التراب واندثر ليعاد بعثه في القرن 15م.

2- انهيار الإمبراطورية الرومانية في القرن 5م أدخل أوربا في مرحلة العصور الوسطى (مرحلة الظلام والتخلف وكل الموبقات) التي امتدت حتى القرن 15م لتبدأ بعدها العصور الحديثة. وهنا يجب التطرق باختصار الى مفهوم العصور الوسطى وملامحها ومميزاتها.

3- يجب الإشارة إلى أنّ العصور الوسطى الأوربية مرحلة لصيقة بالتاريخ الأوربي ومرتبطة به وتنسب اليه دون غيره من تاريخ العالم. ففي هذه الحقبة كانت الحضارة الإسلامية تعيش ذروة العطاء والابداع والتنوير منذ القرن 7 م تاريخ البعثة وبداية تشكل العالم الاسلامي.

4- التطرق للظروف العامة المحيطة بهذا الحدث الجلل أمر ضروري ومُـلِّح، ففي القرن 15م وقع أعظم وأخطر عبور للإسلام في شرق أوربا من خلال الفتح العثماني للقسطنطينية 1453م، وهو العبور الذي كانت له تداعيات جوهرية على وضع أوربا العام وبالخصوص على طرق التجارة التقليدية مع الشرق والشرق الاقصى. وفي الطرف الآخر المقابل في أوربا، أي غربها، كان أفول شمس الوجود الإسلامي في الأندلس بسقوط آخر معاقله في غرناطة 1492م. ومع هذا الانهيار بدأت محنة المسلمين سواء الفارين المُلاحقين أو الذين اجبرتهم الظروف على البقاء وتعرّضوا للتطهير الديني بمحاكم التفتيش... هذا إلى جانب بداية الحملات والتحرشات البحرية الايبيرية على المغرب الإسلامي وما تلاها من مخاطر قاسية ادّت الى طلب التدخل الإسلامي العثماني.

5- النهضة الأوربية والتي تعني في ابسط تعريف لها: "تجاوز وتخطّي العصور الوسطى" في القرن 15م هي ثمرة احتكاكات حضارية بالجوار الجغرافي خصوصا الشرق الإسلامي الذي كان يتولّى القيادة الحضارية طيلة العصور الوسيطة الأوربية، إلى جانب احياء المنجزات الحضارية اليونانية والرومانية، ومن هنا يمكن اعتبار حركة النهضة ميلاد جديد لأوربا.

6- الكشوفات الجغرافية رحلات بحرية انطلقت من بعض دول أوربا في مقدمتها البرتغال واسبانيا كتتويج منطقي لحركة النهضة واليقظة صوب عوالم ومجالات كانت مجهولة ومعدومة الوجود جغرافيا بالنسبة لسكان العالم القديم (افريقيا - اسيا - أوربا). هذا على الرغم أنّ هذه المناطق كانت مأهولة ولها كيانها الحضاري اللامع والفريد.

7- الكشوفات الجغرافية من بين المفاهيم المغلوطة الكثيرة التي غزت مناهجنا ومؤلفاتنا واستقرت فيها ورُحنا نقلدها كما تقلد القرود ونرددها كالببغاوات، وقد عالجنا بعض تلك الأغلوطات في منشورات سابقة، وهي في نظر الغربيين – كعادتهم - انجاز حضاري تنويري عظيم يُـمجّد ويُـكرّم، وحتى على مستوى التسمية "كشوفات" فهي توحي لك بالإيجابية والقيمة العالية. وبالمقابل يبقى التسليم بهذه النظرة الزائفة والتزام الصمت حيالها من لدُنّا – كأساتذة للتاريخ – جريمة في حق المعرفة الإنسانية والحقيقة التاريخية، وفي حق أجيال متعاقبة من المتعلمين. ولتقريب المُراد، دعْني أقترح عليك المشهد التالي:

*** يدخل رجل أجنبي بيتك، يأتي بكرسي ويجلس، ثم يخاطبك قائلا: لقد اكتشفت هذا المكان ويحق لي امتلاكه، يقتل جلّ أهلك، ويمارس كل البشاعات والقباحات بحق من تبقّـى منهم ويسلخ هويتهم ويمسخ اصولهم ويقطع جذورهم، ويغيّر صورة وهيئة المكان الأصلية ويصبغه بألوانه الخاصة... هذه هي ببساطة حقيقة الكشوفات الجغرافية، وحان وقت تعريتها وكشفها.
*** لا تنسونا من صالح الدعاء، وربي يحفظ الجميع.

أرزقي شويتام ... الهرم العابر للعقول والقلوب والنفوس. 

-- وقفة وفاء وحب -- - رابط الفيديو.

*** في شهر اكتوبر من العام 2011، مع بداية السنة الدراسية في جامعة الجزائر 2 ببوزريعة، وخلال حديث لرفاق الدراسة التقط سمعي اسمًا يُشير نُطقه إلى أنّ صاحبه أصوله أمازيغية، وأردف زميلنا ذاكرًا بأنّ هذا الشخص سيكون مسؤولا عن مقياس مقرّر علينا. وفجأة أشار أحدهم الى صاحب الاسم وهو قادم صوبنا أمام مدخل قسم التاريخ، فإذا بي ألْمحُ رجلا صلب العود والبنية، قسيمًا وسيمًا فارع القامة، فيه جمال رباني وتعابير وملامح ودُودَة ولطيفة تأسرك وتُشعرك بالراحة النفسية، كلّما اقترب منك تزيدك ابتسامته أُلفة وأُنسَا فيزرع الله حبّه في قلبك، فتصير مأخوذا به عاطفيا ومتعلقا به وجدانيا ومنجذبا اليه روحيا.

*** بعد أيام، جمعتنا بهذا المفكر والمؤرخ الكبير قاعة الدرس، فاكتشفت رجلا منبسطا وبسيطا بسَمْتِه، صادقا متواضعا، يملك قدرة رهيبة استثنائية على الاستماع والانصات، ومرونة في الحديث، وليونة في تقبل تدخلات واستفسارات طلبته التي تقطع أحيانا حديثه وشرحه، فيصمت طوعا وأدبا دون تبرّم ليُنصِت بلطف ورقة وحب. صاحبُ نكتة ودعابة اثناء درسه أو جلساته مع ضيوفه في بيته العامر. يشهد له كل من عرفه بالتزامه بالوقت والمواعيد فأضحى لهما مثلاً يضرب ونموذجا يذكر. لا يحدثك مطلقا عن أبراج عاجية يعيش فيها، ولا عن بطولات جانبية مزعومة ومعارك دنكوشوتية موهومة في حياته العلمية والجامعية... فكان من الذين أخلصوا للمولى عز وجل وصدقوا مع أنفسهم وسعوا بالخير.

*** لقد ظهر عملُه وسعْيه وخيْره في ثمار زرْعِه وغرْسِه، طلاّبُه الذين يحبونه ويعشقونه ويسارعون إلى الاحتفاء به دون تذلّل أو تصنّع، وخدمته ومساعدته بعد الابتلاء الربّاني الذي نزل به ... ببساطة وعفوية لقد أحبّهم فأحبّوه، وأخلص لهم وتواضع معهم خلال درسه واشرافه عليهم فرفعوه، وتشاء الأقدار أنْ أكون واحدا منهم. وهذه الخصال، زيادة على لياقاته ومؤهلاته وانتاجه العلمي الغزير، أهّلتهُ جميعها ليكون قامة وهامة تعتلي قمة هرم التاريخ وسدّة الاخلاق والأدب، وفي صدارتها تواضعه الملفت والنادر أحيانا في وسط أقرانه.

*** وأمّا في بيته بالعاصمة، الذي استحال إلى مزار لكل الطلبة الذين يشرف عليهم في بحوثهم ورسائلهم، فإنك تشعر بكرم وحفاوة الضيافة، ودفئ المشاعر والعواطف التي تغمرك وتلُفك. تدخل إلى غرفة الاستقبال فتجد مائدة نظيفة ونقية مُعدّة بتناسق فريد وتزيين أنيق وترتيب بديع وجميل يدلّ على عُلو هِمّة زوجته وصلاحها وجُودها ورقـيّها. وعلى تلك المائدة المُنسقة صنوف الحلويات الشهية، وما لذّ من الفواكه والمشروبات. يمنحك الأستاذ بلباقته كل المساحة التي تريدها لمطالعة مسائل منهجية وتاريخية في الأعمال التي يشرف عليها بعيدا عن أيّ عجرفة أو تزمّت أو تصلّب لموضع أو لموقف أو لفكرة تخص هذه المسائل. وفي هذا الجو الفسيح المريح الذي قد يمتد لأوقات متأخرة، تشعر بانّ الأستاذ يرغب في اطالة الجلسات والابحار في الحوارات التاريخية الماتعة والنافعة.

*** من السُنن الربانية التي أودعها الله في الخليقة تعريضها للمحن والرّزايا والابتلاءات، والمؤمن صاحب اليقين التام والناجز يعتبرها قضاء يسْتسلم له ويسلّم به، ويعُدّها قدرا يُعظّم الأجر ويرفعه. ففي شهر ماي من العام 2017 ألَمّت بصاحب القلب النقي التقي نازلة، تسبّب فيها داء السكري، أفضت إلى بتر ساقيه. ولِأننا جُبلنا على الضعف، غرقتُ في نوبات من الجزع والحزن والحسرة على ما أصابه.

*** انتقلت إلى بيته مفْجوعا رفقة زملاء الدراسة، توقعت أن أجده يتأرجح بين الشقاوة والتعاسة والكآبة، منكسرا بائسا غاضبا... غير أني رأيت رجلا لم ينكسر ولم ينـثـني، صابرا محتسبا، غنيا بالله ولا يُعول على سواه، تعلوه كل صور الرضا والشكر والحمد. وبمنطق المؤمن، صَيَّر المحنة منحة، فأصبحتُ اراه كلّما زرته أرْضى الناس وأسعدهم بالابتلاء. وإذا قدّر الله لأستاذي الفاضل أن يقرأ ما جادت به مشاعري في هذه الأسطر، والله يعلم صدقها وخلوها من كل شائبة، فإني أقول له ما تعوّدت وألفْت ذكره في كل لقاء خاص أو عام يجمعني به: "إني احبك في الله". وربي يحفظ الجميع.

طالبك الوفي والمخلص والمحب: عبد الحفيظ دحدح.
----------------------------------------------

🌹🌹🌹 السيرة الذاتية بقلمه 🌹🌹🌹
– السيد الأستاذ الدكتور أرزقي شويتام (Arezki Chouitem)
– قسم التاريخ - كلية العلوم الإنسانية - جامعة الجزائر 2.
– الهاتف: 0771159253
– البريد الالكتروني: achouitem@hotmail.com
– صفحته على الفيسبوك: https://www.facebook.com/arezki.choui...
– صفحته على لينكد إن: https://www.linkedin.com/in/arezki-ch...

👈 المولد والمسار الدراسي:
- ولد الأستاذ أرزقي شويتام يوم 24 نوفمبر 1956 في "إيرجن" عرش "بني إيراثن" ولاية تيزي وزو، ينحدر من أسرة ريفية متوسطة الحال. فقد أفراد أسرته في الثورة التحريرية (الأب – الأخ – العم) في معركة ضارية يوم 8 ماي 1957 استشهد فيها 23 شخص بين المجاهدين والمسبلين والمدنيين، وعمره لم يكن يتجاور ستة أشهر.
- التحق بمدرسة قريته بعد الاستقلال ثم انتقل إلى مدينة الجزائر مع أسرته في سنة 1968. زاول دراسته في إكماليه مولود فرعون وثانوية عميروش بمدينة تيزي وزو.
- التحق بالمدرسة العليا لإطارات الشباب "تقصرايين" الجزائر التابعة لوزارة الشباب والرياضة.
- التحق بجامعة الجزائر معهد التاريخ، نال منها شهادة الليسانس في التاريخ. ثم تحصل على منحة دراسية ليلتحق بجامعة الإسكندرية بجهورية مصر العربية في سنة 1984، بعد حصوله على شهادة الماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر، عاد إلى الجزائر وعين مدرسا في المدرسة العليا للإعلام، وفي نفس الوقت كان مدرسا مساعدا في معهد التاريخ.
- نال شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر من جامعة الجزائر في سنة 2005/2006.
- تقلد مناصب إدارية نائب مدير للدراسات قسم التاريخ ثم رئيس قسم.

👈 المسار البيداغوجي:
- درس العديد من الوحدات في التاريخ الحديث والمعاصر، ومنهجية البحث.
- أستاذ منتدب في العديد من الجامعات والمدارس العليا الجزائرية.
- رئيس فرق البحث في مخابر التاريخ.
- ريس مشروع البحث الوطني.
- أستاذ مشرف على العديد من الرسائل الجامعية (ماجستير، ماستر، الدكتوراه).

👈 النشاط والإنتاج العلمي:
-- المؤلفات المطبوعة:
- المجتمع الجزائري وفعالياته في العهد العثماني 1519-1830م، طبعة 2009م.
- نهاية الحكم العثماني في الجزائر وعوامل انهياره 1800-1830م. طبعة 2011م.
دراسات ووثائق في تاريخ العسكري والسياسي الفترة الحديثة، طبعة 2011م، الطبعة الثانية 2016م.
- المجتمع الجزائري عشية الاحتلال الفرنسي 1830م، طبعة 2016م.
-- الدراسات المنشورة في المجلات العلمية:
- دور الأسطول الجزائري في العقود الثلاثة الأخيرة من الحكم العثماني، مجلة الحوليات. المركز الوطني للدراسات في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر.
- العلاقات الثقافية الجزائرية المغاربية، مجلة التاريخ.
- المؤثرات اللغوية الأجنبية في اللغة العربية في الجزائر، العثمانية والفرنسية أنموذجا، مجلة المجلس الأعلى للغة العربية.
- التنافس الفرنسي الإنجليزي في المتوسط وموقف الجزائر منه الفترة العثمانية. حوليات المؤرخ.
- المصطلحات والمفاهيم الواردة في المصادر الغربية حول تاريخ الجزائر الفترة الحديثة. (مجلة قضايا تاريخية).
- سياسة الاستبطان الفرنسي في الجزائر 1830-1914م. (مجلة التاريخ المتوسطي).
- طبيعة الحكم العثماني في الجزائر 1519-1830م (مجلة التاريخ المتوسطي).
- الاحتلال الإسباني لوهران 1509 (باللغة الفرنسية) (مجلة التاريخ المتوسطي).
- الملامح الاقتصادية والاجتماعية لمدينة الجزائر من خلال وثائق الأوقاف الفترة العثمانية. (مجلة العلوم الإنسانية جامعة الجزائر).
- علاقات تلمسان الثقافية بالحواضر الإسلامية الفترة الحديثة. (مجلة قضايا تاريخية).
- تعيين القياد والشيوخ في عهد الداي علي خوجة من خلال وثائق الأرشيف. (مجلة الدراسات التاريخية).
- مواقف الدول من الاحتلال الفرنسي للجزائر 1830م، مجلة التاريخ، جامعة الجزائر.
- دور الكراغلة في الجزائر، مجلة آفاق وأفكار جامعة الجزائر.
- دور القوى الحلية في الجزائر في ظل الحكم العثماني، أعمال الملتقى الدولي، بسكرة.
- الأوضاع الثقافية والاجتماعية ما بين 1871-1945م، أعمال الملتقى الوطني عزازقة، تيزي وزو.
- إمارة كوكو 1511-1767م، أعمال الملتقى الدولي، تيزي وزو.
-- شارك في العديد من الملتقيات الوطنية والدولية والاذاعية.

أستاذ التاريخ ... والمراوحة بين الموضوعية والذاتية. - رابط الفيديو اسفل المقال.

 الحضارة الإسلامية والنهضة الأوربية... لِننثُـر بُذورنا --

*** إنّ معالجة مسألة الموضوعية في تدريس التاريخ في مؤسساتنا التربوية يتطلّب منّا الكشف عن وضعياتها ومقارباتها في مناهج ودراسات وكتابات الغرب الذي ينادي على الدّوام بهتانًا وزيفًا بالتحلّي بها ويدعو إلى الالتزام بضوابطها، ويُلح ناصحًا وموجهًا إلى النأي بالكتابة التاريخية عن التحيز والميل!

*** إنّ من أبرز تجليات هذه الدعاية والوهم تلك الانحيازية المفضوحة والمكشوفة في مناهج الكراهية والتوجهات الاستعلائية والعنصرية التي انتجت مجتمعًا ونُخبًا من المفكرين والمؤرخين والسياسيين اجترأت بكل مُكابرة ووقاحة على تسويغ تمجيد الاستدمار بتاريخه وأهواله، وتكريم الرجل الأبيض حامل أعباء رسالة نشر الحضارة والتنوير! والاستخفاف بمقدسات الآخرين وتحقيرهم والنيل من كرامتهم وانسانيتهم إنْ هُم أنكروا وغضبوا وسخطوا، واختلاق أكاذيب واوهام الخطر الأخضر والإرهاب الإسلامي والصدام الحضاري... لتبرير سياسات البطش والعدوان وغيرها من الممارسات التي تتنافى مع ابسط القيم الإنسانية الأخلاقية والنفسية.

*** وليس غريبا أن يشمل هذا الاستعلاء الحضاري في وقت سابق قريب مجال الرياضة، حيث أنّ هذه المجتمعات المنافقة والحاقدة بكل مستوياتها الرسمية والشعبية – مع استثناءات محدودة ومغمورة – لم تستسغ أنَّ بلدا صغيرا من غير منظومتها الحضارية والثقافية وهويتها الدينية يملك القدرة والاستطاعة على تنظيم مسابقة كروية عالمية وينجح في المهمة الى درجة الابهار والاستثناء.

*** La Renaissance est un mouvement de l'histoire européenne associé à la remise à l'honneur de la littérature, de la philosophie et des arts de l'Antiquité gréco-romaine.

بدأت عقدة الاقصاء الحضاري المتعمّد على مستوى التعاريف المُتداولة للموضوعات التاريخية، فلو أنّك اجتهدت في البحث عن مفهوم النهضة الأوربية في مصادر المعرفة الغربية لوجدته يتفق ويتطابق تماما مع التعريف الظاهر أمامك (بالفرنسية)... فالمُنتج الحضاري الوحيد الذي يستحق الذّكر ويُرجع له كلّ الفضل في الالهام والاحياء والبعث والولادة الجديدة هو المُنجز اليوناني- الروماني، وكأنّ الحضارة اختراع أوربي وموروث أصيل لهذه الجماعة من البشر... بينما جحود ونكران اسهامات الحضارة الإسلامية في هذه الوثبة الأوربية التي أعقبت القرون الوسطى في هذه التعاريف واضح وجلّي وبخبث شديد.

*** لقد بات مطلوبًا منّا، وبشدّة والحاح، نحن أساتذة التاريخ بالتحديد أنْ نضرب بموضوعية الغرب وانسانيته المزعومة واملاءاته الفوقية ومفارقاته العجيبة الغريبة عرض الحائط، وأن نلتزم صادقين مخلصين أمام رسالتنا وتلاميذنا بما يُمليه علينا انتسابنا الديني والمكاني والزماني، وإنْ لم نفعل فإنها الخيانة التي تهدم فينا كل قيمة نبيلة وفضيلة جميلة ومقام أستاذية جليلة.

*** وبإزاء هذا الموضوع وكل مغالطاته الوقِحة، اقترح عليك عزيزي بعض البذور لنثرها وزرعها في عقول ونفوس تلاميذنا عندما تتناول مهمات التعلّم المخصصة للتواصل الحضاري ضمن وضعية "من النهضة الأوروبية إلى الكشوفات الجغرافية والثورة الصناعية":

1/ الشرق هو أصل الحضارة الإنسانية ومبدأها (الرافدين – مصر) وليس اليونان ولا الرومان ولا بيزنطة، وهنا يجب أنْ أستطرد فأقول: إنّ الحقائق والشواهد التاريخية تؤكد أن حضارات أوربا المتعاقبة كلها مارست الاستعلاء والإقصائية في حق الآخر بأبشع همجية وأقبح صورة، وزاولت التسيُّد المتعطش للنهب والاستعباد والتسلّط على الشعوب الضعيفة. وعلى الطرف النقيض لم ينقل لنا التاريخ مطلقا أنّ الحضارة الإسلامية، حين قادت الحضارة الإنسانية وأغْنتها ووسّعتها، اقترفت مثل هذه الأفعال الهمجية غير الآدمية، فقد التزمت بخلفيتها الدّينية التوحيدية التي أمْلت عليها تقديس كل ما هو انساني وأخلاقي.
2/ لم تكن ابدا الحضارة الإسلامية مجرد ناقل أو وسيط حضاري لمنجزات ومنتجات اليونان والرومان الحضارية كما زعم هذا الغرب العاق وروّج له، بل هي من تولّى قيادة الحضارة الإنسانية حين كانت أوربا غارقة في ظلمات قرونها الوسطى، فكان لها أعظم الأثر والفضل والاسهام بمنجزاتها في نهضة أوربا الحديثة من خلال حركة الترجمة والمنافذ الحضارية كما هو معروف لدى العقلاء المنصفين.
3/ المدنية الغربية الحالية هي ثمرة وعصارة عطاء جميع الحضارات الإنسانية السابقة، والغرب هو من استلم المشعل ليقودها ويتزعمها على إثر نهضته التي أعقبت عصوره الوسطى، والتجربة الإنسانية والدورة الحضارية والتاريخية لا تزال كلّها تُعْلِمنا وتُعَلّمُنا بأنّ هذه القيادة بكل أزمات وتشوهات منظومتها الأخلاقية والقيْمية في تآكل مستمر وافلاس متواصل، وزوالها أصبح مسألة وقت منظور.                                   لمشاهدة الفيديو ... أنقر هنا

الوقت وقتان ... والعطلة هدية ومنحة! - الفيديو اسفل المقال.

*** وقتً يمْلِكُك ويُخْضِعُك ويُقيّدُك ويتصرّف فيك، وهو الوقت الذي تكون فيه مُجبرا على الالتحاق بالعمل في ساعة محددة من الصباح في أيام معلومة، وقضاء فترات من الزمن في المؤسسة لمدة معينة والزامية، وقد تكون أيضا مُكرها على العودة اليها في المساء.

*** ووقت آخر على النقيض من السابق، تَملِكهُ أنت وتتصرف فيه أنت، تُدبّرُهُ وتديره بإرادتك أنت وبحرية تامة، وهو الذي تكون فيه بعيدا عن متطلبات العمل ومقتضياته. وتمثل العُطل المدرسية ضمن سياقات هذا الوقت هدية ومنحة لاسيّمَا للأستاذ الجديد، يجب اغتنامها واستثمارها في تطوير الذات وسدّ الثغرات وإصلاح وتقويم المسارات وتعديلها سعْيا وراء النجاح الذي يصُونُ ويحفظ المرتبة والكرامة، ويُذلل التحديات، ويصنع منه فارسًا مقتدرا لا يُشقّ له غبار في التربية والتعليم. وهي جميعها مقاصدُ تتطلب اثراء وتوسيع وإغناء الرصيد من المادة التاريخية والجغرافية.

*** عزيزي الأستاذ، أيًا كانت صفتك ووضعيتك، ربما يكون قد تبيّن لك في كل منشوراتي السابقة أني لست من هُوَاةِ التصورات المثالية والوصَفَات غير الواقعية التي تقدّس التنظير المجرّد الذي قد يؤول إلى جدال عقيم تافِه، والفقرات الخيالية الحالمة والمُعقدة، والثرثرة السُفسُطائِية الفارغة... ولهذا انصحك وادعوك بمودّةِ وبِحُبِ الأخ، وبتقدير وتوقير الزّميل إلى اغتنام العُطل – بعد أن تأخذ نصيبا وقسطا من الراحة الجسدية والنفسية – بتحديد جداول زمنية بفترات قصيرة وثابتة يوميا لترقية مخزونك المعرفي، وبالتالي تنمية لياقاتك اللّغوية من خلال تكثيف البحث والمطالعة.

*** واليك الخطوات التطبيقية والعملية لبُلُوغ الغرض:
1- اقتني دفترا من الحجم الكبير (Registre) وقسِّمهُ إلى ثلاثة أبواب، كل واحد منها يخصص لمستوى، وكل باب يُقسم بدوره إلى جزء للتاريخ وآخر للجغرافيا.

2- دَوّن كل ما يقع عليه بحثك من معلومات ومعارف، وتعريفات ومفاهيم وشخصيات وأحداث... لها ارتباط بوضعية ما من الوضعيات المقررة في المادتين في الجزء المعني دون أن تَغْـفل عن ذكر مصدرها (المُؤلِف، المُؤَلّف، الصفحة) للتوثيق والحُجة.

3- سَجّل أي معلومة مثيرة واستثنائية ليس لها ارتباط وثيق ومباشر بالوضعية التعلُمية، ولكنها تحُوم في فلكها ... فسوف تحتاجها في إظهار تَفَـوُقك وجدارتك أمام التلميذ. إذ لا يُعقل أن تكون مداركُك ومعلوماتك مُساوية ومُمَاثلة لِمَا هو مُتاح في الكتاب المدرسي أو لكل الناس بما فيهم تلاميذك. فعلى الرغم من أنّ هذه المعارف غير مقررة على التلميذ في المرجعيات الرسمية (المنهاج-التدرجات) إلا أنّ تمريرها واستعراضها في القسم كإضافات يُعْلي ويرفع قدرك وقيمتك ومرتبتك، ويؤكد أهليتك للوظيفة وللشهادة.

وكمثال عمَلي للشرح، أقول: بعد تفصيل مصطلح "الكراغلة" المُقرر في تدرجات السنة الأولى، يَستفسِرُ الأستاذ تلاميذه عن علّة زواج الأتراك العثمانيين بالجزائريات ثم يترك لهم غلافًا زمنيا مضبوطا للإجابة... وأمام قُصُورِهِم المعرفي الموضوعي وفشلهم في تحصيل الإجابة يقوم الأستاذ بكشفها وإيضاحها، وبذلك يكون قد أبَانَ عن مهارات مُعْجِبة ترفع منسوب احترامه وتوقيره في جانب، وتُنمّي مُختزَنَات التلاميذ المعرفية في جانب آخر.

4- تصادفك اثناء بحثك واطلاعك لطائف وطرائف ونوادر سواء في مادتنا أو في شؤون الحياة المختلفة ولكن لها علاقة بمَوضِع ما من وضعية التعلّم، احتفظ بها في الدفتر واستخدمها في إضفاء مناخ من المرح والانبساط في القسم دعمًا للتواصل التربوي الإيجابي والتفاعل النافع مع التلاميذ، وتوثيق وشائج الحب والودّ معهم. ولكن أنبّه إلى أنّ السّير في هذا المسْلك يبقى مرهون بمدى حيازتك للسلطة المعرفية والأخلاقية في القسم.

5- في البيت، واثناء تحضيرك للعمليات التربوية، افتح دفترك وأدْرِج منه في مذكرتك التربوية كلّ ما له علاقة معرفية مقررة مع الوضعية التعلمية، أمّا مَا عَدَاها من إضافات وطرائف فيُستَحسن الاعتماد على الذاكرة والتذكُّر والاسترجاع لتوظيفها في سياق تناول الوضعية.

*** عطلتكم سعيدة ومريحة، ولا تنسونا من صالح الدعاء.

ثقافة الاستحلال ... تلميذي الذي أدخلني جهنّم.

*** ذات يوم في القسم النهائي علوم، في حصة الجغرافيا وموضوع الاتحاد الأوربي، كلّفتُ تلميذا بتوقيع دولة اليونان التي التحقت بالتكتل الاوربي على الخريطة المُعلّقة، وحين هَمَّ بتحديدها لمَحتُ سرواله الجديد، فباركتُ له وابديت اعجابي به...غير أني لاحظت أمرا غريبا في هذا السروال الجديد،ّ فبادرت الى لَفْت نَظره واستفساره:
- قلت: يا فلان، سروالك الجديد مُمزق ومُقطع من الأسفل!
- قال: انها سنة التقصير.
- قلت: آه ... مْلِيحْ، ثمّ نظرت الى أسفل سروالي وأشرت الى أني غير ملتزم بما التزم به.
- قال بكل ثقة وثبات، وبلا تفكير ولا تردد: أنت في جهنم!

*** شعرت حينها بالأرض وكأنها تهتز من تحت قدَمَاي لوقْع الصّدمة... فتأملت ثمّ حبستُ انفاسي وامسكتُ غضبي وكظمتُ غيظي وكتمتُ ثائرتي ... فأنا الأستاذ وهو التلميذ، وأنا من يجب أنْ يتحمّل الموقف ومسؤولية الخوض في هذا النقاش الذي أثقل القلب وأجْهَدَ النفس وأثار الامتعاض والكآبة. وبقيت تلك الحادثة منقوشة في أعماق الذهن والنفس، تخبو تارة وتطفو بقوة تارة أخرى.

*** مع نهاية السنة الدراسية، وعلى أعتاب امتحان البكالوريا شاءت الأقدار أن تُعيد هذه السانحة، أي البكالوريا، بعث تلك الواقعة وتُلحُ على إثارتها ... ولهشاشة النفس البشرية وغلبة نزوة الانتقام تملّكَتني رغبة في ردّ الصفعة، وإن كنت أقِرُّ الآن واعترف بالخطأ الجسيم والفعل الشنيع الذي اوقعتني فيه الرغبة والنزوة.
قلت: يا فلان، هل تذكر يومذاك حين ادخلتني جهنم بسبب موضوع التقصير؟ وأنا اليوم أسألك وأريد منك إجابة صريحة وقاطعة ... ماذا لو أنك بلغت موضعا عسيرا في حل مسالة الرياضيات في الباك ونجاحك مرهون بحلّها وتجاوزها؟ هل ستُقدِمُ على الغش؟
قال بكل ثقة وجرأة: نعم، فالضرورات تُبيح المحظورات.

*** اثارني جوابه، وحاولت الشرح والتفسير والاقناع ... ولكني فشلت أمام ذهن مُغلق ومُعتقل ومُبرمج، وأدركت أنّ هالة التّدَيُن المغشوش المنكوس أحَالَت هذا التلميذ إلى مجرد آلة مُسجِّلة تُردّدُ فقط ما التقطته من هؤلاء المعاتيه الذين يمارسون الأبوة الدينية على مذهب الفاتيكان النصراني، ويحتكرون سلطة الفتوى والمراسيم والتعليمات، ويحكمون على مصائر الناس في الدنيا والاخرة.

*** إنّ الدافع الذي دعاني الى استحضار هذه السّردية هو ما حدث ويحدث في مساجد بلدتنا من فتن وصخب وهرج ومرج، وهجرات وانتقالات في كل الاتجاهات مثل عالم كرة القدم ... إلى جانب التورّط في حملات تبديع وتفسيق طالت الامام والمسجد على حد سواء.

*** والخلاصة، إنّ حركة تنميط الدّين التي بدأت مع تنميط نظام الحكم وتحويله من الشورى الى حكم الأسر والعائلات بالوراثة اللّعينة، وما صاحب ذلك من تغيير في مظهر السلطة وهيئتها وطقوسها ومراسيمها وتعاملاتها ومقاصدها ومنظر اصحابها، وما رافق ذلك من بناء للقصور الفخمة والأسوار العالية المنيعة من أموال الأمة، وصَفِّ الحُجّاب عند أبوابها للاحتجاب عن الرعية ... وتنميط الدين هذا كان بحاجة هو الآخر إلى مؤسسة، وإلى استخلاص جماعة من مشايخ الجهل والسوء وتدجينهم ثمّ تعيينهم اوصياء على الدّين تماما كما كان حاصلا مع الكهنوت الكنَسي النصراني في أوربا الوسيطة... تلميع السلطان وتثبيت حكمه وتحريم منازعته، وهو موضوع آخر يطول بيانه ويحتاج إلى مساحة أخرى.
  

السلوك المُشاغب... بين خطابات التنظير وممارسات الواقع والتجربة.

*** لعقود طويلة من الزمن أَلِفْنَا ترديد نظريات وفلسفات في ندواتنا وملتقياتنا تطرح وتقترح حُلولا من شأنها ضبط تصرفات وسلوكيات المُتعلمين وتوجيهها وتكييفها مع متطلبات الممارسة التربوية، إلاّ أنّه –للأسف الشديد – مع تسارع المتغيرات الاجتماعية المختلفة وما صاحبها من سياسات تربوية مُتساهلة وفوضوية وفاشلة، وتزايد تدفق المؤثرات الخارجية المتلاحقة بغزارة وبسرعة في عالم صار قرية... بقيت تلك القوالب والنظريات المُقترحة بعيدة عن الواقع ومجرّدة من الآليات التي تجعلها فعّالة ومثمرة.
فلا غرابة في أنّنا بعد تجاوز مرحلة تخريب أثاث المؤسسة مرورا بالاعتداء الجسدي واللفظي أدْركْنا في المدّة الأخيرة مرحلة لا تُحْتَمَل، تجرّأ فيها المُتعلّم على المُعلّم بهاتفه ليلتقط له مقاطع مرئية ويذيعها على الشبكة العالمية.

*** من الطبيعي أنْ يشعر المُعلم بالإحباط واليأس عندما يفشل في مواجهة وتخطّي تلك التحديات والمشاكل السلوكية غير السويّة التي تصدر عن المُتعلمين وما يتبعُها من فشل دراسي يُضاعف من احباطه ومن اهتزاز ثقته بنفسه، ويزداد الوضع وَجَعًا وايلاما حين يُحمّلهُ المجتمع الإخفاق والفشل، ويتنكّر له ويَجْحَد فضله عند التّفوُق والنجاح. وإنّي أكاد أجزم أنّ معظمنا – وأقصد اهل التربية والتعليم – عاش تلك المشاعر وتأذّى منها.

*** بعيدا عن التنظير المُنمّق الذي يغْلُب عليه القَوْلُ لا الفِعْلُ، والرّكض وراء تصوّرات المثالية والمقاربات التقليدية التي تَعوّدْنا مصادفتها في الكتب والمؤتمرات والمُنظرّون طبعا - وما أكثرهم في محيطنا - والتي لا خير يُأملُ منها وفيها... أقترح عليك زميلي بعض التوجيهات والارشادات العملية والواقعية التي راكمتُها وجمعتُها من تجربتي خلال الممارسة الميدانية في القسم لسنوات طويلة. ولكن قبل أنْ تُباشر في القراءة يجب أنِ أنبّهك إلى أنها تحمل في ثناياها الخطأ والصواب، حالُها في ذلك كَحَالِ كل ما يصدر عن بني البشر:

1- زميلي العزيز، سأظلُ دائما أذكّرُكَ، مع الإصرار والتشديد، بأنّ القُدرة المعرفية والقُدوة الأخلاقية هما دعامة هيبتك ووقارك وطريقك لفرض هيمنتك ونفوذك في القسم، وبافتقادك لهما سوف تعاني وتُكابد إلى أنْ تحصل على تقاعدك. (سيناريو أسود كالح)
إذن لتكُن انطلاقتك قوية، مُشبّعة ومُفعمة بالمهارات واللّياقات التي تجعل منك رائدا ومقتدرا في اداء رسالتك، مُتسلحا بقيم وأخلاق القدوة والنموذج والمِثال. واخْتصرُ هذه الناحية ناصحًا: حَضِّر واستعد وخطط للعمليات جيّدا قبل الالتحاق بالقسم ولا تَرْتَجِل، واحتك والتصق بمن هم أقدم منك تُفلح.

2- في مرحلة أولى، أطْلِق عبارات الثناء والمدح على المُتعلم المشاغب والمشاكس واستمتع بالتواصل معه ومرافقته والاستماع له والاهتمام به وتَفَهُّم احتياجاته ورغباته. واجتهد لكسب ودّه ورضاه فتكسر فيه النّزُوع إلى التمرّد عليك وتَستبدلهُ بالخجل والاستحياء منك.
وهنا اقترح عليك صِيَغًا وجُملا لاستخدامها في هذا الغرض: إنّ تلميذي العزيز سَمير يملك إمكانيات التفوُق والنجاح... هو رائع جدا عكس ما يُظهر... بإمكانه بلوغ النجاح إذا اجتهد قليلا... إنّ سمير يملك من الادب والاستقامة ما يجعله مرآة تعكس صورة والِدَيهِ ... وهكذا من صيغ المدح.

3- في القِسم، اجعله يتعوّد على العيش في حالة استعداد وتركيز دائمين من خلال احراجه ومباغتته بالأسئلة سواء أثناء المُراجعات او سير التعلُمات، وبذلك تحرمه من الفسحة التي تُتيح له الانشغال عنك بما يعكّر عليك عملك وصَفْوكَ. وبين الحين والأخر اسحب منه علامات من "المراقبة المستمرة" ولكن لا تبالغ في الخصم لِئَلَّا يُداهِمُك بعد أن خسر كل رصيده.

4- إذا لم تُدرِك الطرق السابقة مراميها، فَمارِس التّجاهل والإهمال والتهميش ضدّه وكأنهُ غير موجود في القِسم، ولا تُكثر من المراقبة الزائدة لتصرفاته وأيضا من التنبيهات، فذاك ما يرغب فيه ويصبو إليه. وأظهر الهدوء والثبات خلال تناولك للتعلُمات، وأخفي أيّ انفعال أو غضب قد يجتاحك.

5- وفي مرحلة أخيرة، بعد أنْ أعجزتك كل الحِيل واستنفذت جميع السُبل واستعصت كُلّ الحُلول، وبَدلاً من حرْق الأعصاب وتَكْدير المزاج واستدعاء جميع أمراض الجسد والنّفس... عليك بالرجوع والاستناد إلى التشريعات المدرسية ذات العلاقة بحزم، بلا تردد ولا تراجع ولا عاطـــــفة. وربي يعين ويحفظ الجميع.
لا تنسونا من صالح الدعاء.

ثقافة المقاومة 

*** في زمن الهزائم والانتكاسات، وتصدّر عُشاق الانبطاح وبيع المقدسات والاعراض لكل مشهد ومنبر، وفي ظل مشاعر القهر والعجز التي تلف حياتنا والعَتمة التي تُخيّم على أوطاننا وشعوبنا، يصبح الحديث عن المقاومة فرض وواجب، ولكن عن أي مقاومة يجب ان يتحدث أستاذ التاريخ؟ وكيف يجب ان يتحدث عنها؟
*** إنّ رهن تدريس التاريخ بتمرير الكم المعرفي داخل الحجرة التربوية، وشحن ذهن التلميذ بالمعلومات والمضامين ليتم صبّها في الأوراق في كل محطة تقويمية ليس من التاريخ ولا من التربية المنشودة التي تؤسس لنهضة حضارية يتوق لها كل من يحيا القهر الداخلي والخارجي.
*** ولهذا يتوجب على الأستاذ الرسالي ان يجعل من الكم المعرفي المرصود لهذه الوضعية وانشطتها أداة لغرس قيم ومُثل وجدانية واخلاقية تحصن التلميذ وتمده بالقدرة على اتخاذ الموقف حيال الموضوع، وقد وردت بعض تلك القيم في التدرجات السنوية. وفي هذا السياق، يمكنك الاستعانة بما اجتهدت لرصده وتبيانه في النقاط التالية، وادعو الله ان أكون مصيبا:
1- المقاومة عقيدة ومنهج وثقافة تغرس في التلميذ وتبدأ من حق الانسان الشخصي (في هذه الحالة التلميذ) في الدفاع عن النفس ومواجهة الظلم، أي ظلم.
2- المقاومة مبدأ لا يقبل التجزئة، فهي حق للجميع مهما اختلفت الأديان والاعراق والازمان ... فلا يجب الوقوف معها اذا كانت إسلامية – على سبيل المثال - والتنكر لها اذا لم تكن كذلك.
3- المقاومة نهجٌ حتميٌ وليس خياراً، نهج يؤسس لمناعة ضد مخازي الانبطاح والخنوع والتخاذل.
4- تثبيت دعامات تاريخ ينطق دائما مخبرا ومؤكدا في كل زمان ومكان بان المقاومة ليست إرهابا بل هي حق لكل مظلوم منتهك في ارضه وحياته ... وإنْ لم نُسلِم بذلك فإننا نطعن في ثورات استقلالنا والدماء الطاهرة التي سالت لأجله.
5- المقاومة هي بالأساس صراع ارادات، تتحكم فيها ظروف ومناخات تخدم طرفا على حساب الطرف المقابل، ويأتي استسلام أحدهما كمحطة تنهي حالة الكر والفر بينهما... فيصبح الاستسلام حالة تاريخية طبيعية مفروضة على المهزوم لا تنقص من بطولته وشهامته ولا تثنينا عن الاعتزاز به.

هذا غَرْسُهُم الْخَبِيث ... فَمَاذَا غَرَسْنَا نَحْنُ ؟ 

*** ونحن على أبواب بداية السنة الدراسية، نجدّد اللقاء ومعه نستأنف – كشركاء في جبهة واحدة نتقاسم فيها الغايات والمقاصد – تبادل التوجيهات والارشادات والنصائح لتعزيز اللياقات والاستحقاقات التي تجعل كل واحد منّا مؤهل وجدير بتحمّل الرسالة.
*** زملائي، لعلّي لا ابالغ إذا قلت بانّ أغلب من يشتغل في حقل التربية والتعليم وصُنّاعه متفقون على أنّ صياغة مناهج تربوية مستقيمة ومُحكمة من الأولويات الأساسية لرفع قواعد وأسس منظومة تعليمية مثمرة وفعالة تَسَعُ فلسفة المجتمع وعقائده ومرجعياته التي ينفرد بها وتستوعبها، في وقت تتعاظم فيه التحديات الثقافية والحضارية المتلاحقة والمتسارعة الوافدة كتيارات مكتسحة وجارفة ومدافع تقصفنا من كل جهة وناحية.
*** ان الدّأب على صناعة مناهج تربوية همّها الأول هو التلقين والحشو والسّرد أثبت عجزه في البناء والارتقاء، ولم يفرز سوى مزيدا من الإخفاق والفشل، وكلنا يُلامس ويتلمّس هذا الواقع الموبوء الذي فرضت فيه الارتجالية والتسرّع منطقهما.
*** ولكن من منطلق المسؤولية الفردية الدينية (وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعَى) ثم الأخلاقية والأدبية يجب تركيز الانتباه والاهتمام على زرع القيم والمُثل والمبادئ النافعة، والانحيازات الوجدانية التي تبني فردا متماسكا، منضبطا، متمسّكا ومتشبعا بكل ما يميّز انتساباته وانتماءاته.
*** التقليد، أيًا كان نوعه ولونه، دومًا يكون عملا مقبوحا ومذموما، وبلا شك أنتم تعلمون أن القِرد – أكرمكم الله – بغريزته هو أكثر الكائنات اتقانا لهذا الفعل والتزاما به (التقليد). وأمتنا اليوم هي أمة التقليد بلا منازع أو جدال... تنقاد وفق كوميديا عبثية وهزلية حوّلتها الى لعبة بأيدي أمم الغرب والشرق، وصيّرتها إلى جماعة من القطيع قاصرة بلا وزن.
*** ليتنا نحن اهل التربية والتعليم لا ننساق وراء هذه الكوميديا ونُرسخ القطيعة معها من خلال حشد مختلف الموارد لأجل غرس وزرع قيم ومُثل الخير والنُبل والإنسانية لا قيم الشر والوضاعة والبهيمية التي ستطالعها بعد أسطر.
*** ولتأكيد هذه المعاني، أعرض عليك بعضًا من السّمُوم التي تسري في مناهج التربية وكتب التاريخ المدرسية الغربية، لكي يَثبُت امامك بان الغاية من المناهج ليست المعارف التي تُلقن لتُنسى بعد استيفاء الغرض منها في التقويمات، بل القِيم التي تشكل شخصية الفرد وتوجه وجدانه وانفعالاته وافعاله وخبراته فتحوّله الى منبع لكل خير ونفع في المجتمع.
...............................
*** هذا غَرْسُهُم الْخَبِيث:
- نص 1:" إن التعاليم التي انطلقت من شبه الجزيرة العربية أوجدت قلقاً عميقاً في القلوب، لقد قاد محمد حرب إبادة لجميع الشعوب والقبائل التي لم تتقبل تعاليمه فأباد قسماً كبيراً من اليهود في الجزيرة العربية".
- نص 2:" جاء الطلائعيون (اليهود) لحراثة أرضهم بسلام وطمأنينة لكن جيرانهم العرب لم يعجبهم ذلك وحاولوا طردهم من أرضهم ومن مرة لأخرى كانوا يحرقون الحقول ويسرقون الأبقار أو المواشي من القطيع وحتى إلحاق الأذى بأعضاء المجموعة".
- نص 3:" الفلسطينيون هم طائفة عربية ... يمتلكون شعوراً انتمائياً ضيقاً في حدود الدين ... ولهذا لم تطور عندهم مؤسسات قيادة أو بنية سياسية تحتية ونظام تعليمي وتربوي، ومقابل هذا ظهر الاستيطان اليهودي على شكل تجمعات سياسية وحضارية ذات وعي قومي ودعم صهيوني من خارج أرض إسرائيل".
*** أوصاف العربي والمسلم في المناهج والكتب والسينما والمخيال والتمثلات الغربية: راكب الجمل ~ عبد الرمال ~ شيخ البترول والنزوات~ غير متعلم ~ غير أمين ~ "يكره اليهود والغربيين ~ غير عقلاني ~ يخطف النساء خاصة الشقراوات ~ متسخ وبطنه كبيرة ~ يثير الشفقة ~ يثير الرعب ~ يقتل لنشر دينه.

المكتسبات القبلية

*** يصادف الأستاذ أثناء تصفح ومطالعة التدرجات السنوية دعامة بيداغوجية مفصلية وأساسية في العملية التعليمية التعلمية ، وهي المكتسبات القبلية التي قد تتحول من دعامة الى عائق بيداغوجي إن تمّ إبعادها من عملية التخطيط والبناء وأيضا من عملية التواصل التربوي داخل القسم الدراسي.
*** من غير الممكن الحديث عن هذه الدعامة الرئيسية دون استحضار الخلفيات والسياقات المعرفية - إن في مادة التاريخ أو الجغرافيا - التي ترتبط عضويا بسياق تدبير سيرورة وتقدّم سلسلة العمليات والوضعيات التعلمية في الحجرة التربوية، وهذا من خلال الاستعانة بالمختزنات المعرفية القبلية، والحرص على جعل العلاقة بينها وبين التعلمات الجديدة مترابطة ووثيقة وسليمة، عقب تدقيقها وفحصها وضبطها للكشف عن جوانب القوَّة فيها لتعزيزها وجوانب القصور لتقويمها ومن ثمّ ضبط العلاجات والتدابير الضرورية والمناسبة لعلاج القصور إن وُجد.
واعتمادا على هذه الخلفية، اقترح عليك الخطوات الآتية لإجراء تشخيص موضوعي مثمر:
1- التثبُت من سلامة المكتسبات لا يكون في بداية الوضعية التعلمية فقط، بل يجب أن يكون عملية متواصلة ومستمرّة يتم الانطلاق منها في كل حصة دراسية.
2- الاعداد المُسبق لسيرها للتحكم في الوقت المخصص لها وعدم تجاوزه أو إهداره مما قد يؤثر على تناول التعلمات الجديدة.
3- توجيه التلاميذ إلى إغلاق دفاترهم والكتب المدرسية أو أي وثيقة على طاولاتهم قبل الانطلاق في فحص المكتسبات القبلية. فهذه العملية لا يجب أن تكون من خلال اعتماد التلاميذ على إجابات مستمدة من هذه الوثائق... لأنه حينها يفقد التشخيص وظيفته ودوره.
4- الأسئلة تكون دقيقة ومركزة وهدفها قياس مدى استقرار المكتسبات وصحتها في ذهن التلميذ.
5- توسيع المشاركة الصفية بانخراط أكبر عدد ممكن من التلاميذ، ويعتبر بلوغ مستوى مرضي ومقنع من المشاركة مؤشر جودة ونجاح.
6- تثمين إجابات التلاميذ (نقاط من المراقبة المستمرة) لتحفيزهم وتشجيعهم وتعزيز ديمومة واستمرارية تعاطيهم مع هذه الأنشطة، وكذا بعث الشغف والحماس لدى المتخاذلين والمتكاسلين منهم للتعامل الإيجابي مع هذه الانشطة.
*** هذه الملاحظات هي خلاصة تجارب فترة الاستاذية ومعاينات مرحلة التفتيش. مشاهدة الفيديو

السياسة الاستعمارية في (إفريقيا وآسيا – الجزائر)

*** (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ)
*** زميلي أستاذ التاريخ، ببصيرة المؤرخ واستعداداته وملكاته أنت تدرك يقينا أنّه لا يمكن أن تكون اهتمامات وغايات تدريس التاريخ مجرد سرديات تُستحضر فيها الوقائع والأحداث والأخبار الماضية بعيدا عن عِبرة التاريخ، تجاربه، عِظاته، هداياته وارشاداته ... وكل جهد ينصب على تلك السرديات لا نفْع يُرجى منه ومآلهُ الفشل والرّسوب.
*** إن توجيه البوصلة التربوية نحو مشروع تقوية وتعزيز الهوية الحضارية والانتماء الثقافي ورفع منسوب المناعة الذاتية الروحية والوجدانية للفرد لا يمكن التعويل فيه، أي المشروع، إلا على أساتذة التاريخ شرط أن يكونوا مُحترفين مَهَرَة، وليسوا هُواة متطفلين.
*** زميلي أستاذ التاريخ، لا تؤاخذني وتلُمْني إذا قلت لك: إنّ جمْع المعلومات التاريخية ثمّ تنظيمها وتنسيقها (المذكرة) ثمّ تمريرها بسردها أمام المُتعلمين في القسم يعتبر صنفا من صنوف العبث بالتاريخ، بل هو أبْشعها على الاطلاق ... وإذا كنت - يا عزيزي - من هذه الجماعة، جماعة الشكل والحشو، فاعذرني مرّة أخرى أن أقول: إنّ أيّ حَكَوَاتِي بلا شهادات، خبير بصنعته فقط، يستطيع أن يقوم مقامك.
*** زميلي أستاذ التاريخ، يجب أنْ نتفق على أنّ مادتنا نُراهن في تدريسها على تأصيل الهوية والشعور بالانتماء والانحياز للثوابت والمقدسات... وهو الأمر الذي يتطلّب منك توظيف ما حشدته من مادة تاريخية للتعامل مع وِجْدانات وانفعالات وعواطف المتعلمين لتؤسس لفرد يكون صالحا، بانِيا، نافِعا ومضحيا.
*** وفي هذا الضمار أسوق مجتهدا بعض الكفاءات التي يمكنك أنْ تزرعها وتُتوج بها جهدك ونشاطك، والمتعلقة - في هذا المنشور- بوضعية السياسة الاستدمارية سواء الخاصة بأفريقيا وآسيا أو تلك الخاصة بالجزائر:
1- ابدأ بتصحيح المفاهيم وتخليصها من التزوير الذي أصابها، والانطلاقة تكون من مصطلح "الاستعمار" ... ولن اطيل في الشرح بل اكتفي بتشجيعك على احياء وإنعاش روح التنقيب والتقصي التاريخي عندك، فابْحث وفتّش لتفهم القصد فتكون محترفا.
2- تكمُن المصيبة في أنَّ من دفَع السّاسة والقادة في أوربا إلى الممارسة الاستدمارية هي النخبة الفكرية - مع استثناءات قليلة - التي رتّبت الخطابات والرسائل لتبرير الاستدمار وتبيان منافعه! وليس عامة الناس الذين كانوا مجرد أدوات. فطرحت هذه النخبة البائسة نظرية "رسالة الرجل الأبيض" لتمدين وتحضير البرابرة المتخلفين خارج أوربا... وهي أيضا من صاغ تلك السياسات اللعينة، فأخبرنا التاريخ عن مفكرين بل أطباء كانوا أصحاب مشاريع وقوانين وحشية لا تمت للإنسانية بصلة لتمزيق الروابط ومسخ الثوابت.
3- التركيز على عنصر السياسات الثقافية والدينية الاستدمارية التي استهدفت التعليم، بنُظُمِه ومؤسساته ورجالاته بهدف تجريف الهوية ومسخ وتشويه الحالة الحضارية والثقافية للشعوب المُستدمَرة... وقد يتبادر الى الذهن التساؤل عن علة هذا التركيز والتقديم فأجيب: إنّ الاستنزاف الحقيقي الذي مارسه الاستدمار ليس هو الاستنزاف المادي الذي انتهى أو لنقل خفّت وطأته بعد الاستقلال، بينما لا تزال آثار الاستنزاف الحضاري والخراب الثقافي ماثلة ومؤثرة تتوارثها الأجيال... وتفاصيل حياتنا اليومية تثبت ذلك، فنحن ننام في الشُومْبرَة ونَمُرُ عبر الكُولوَار أو الهُولْ لنطْعَمَ في الكُوزينة ونشرب من الفْريجيدار ثم نذهب الى الصّالُون ونجلس على الكَانَابّي ونفتح الكُايي ونكتب بالسْتِيلُو... الخ
4- في نهاية الوضعية، يكون دليل نجاحك وصلاح زرعك وبذْرك هو مدى تمكُّن المادة التاريخية المرصودة من توليد الشحن العاطفي والموقف الوجداني التلقائي والعفوي لدى المتعلم تجاه الظاهرة الاستدمارية دون أن تتبنى انت أمامه، خلال مسار تناول الوضعية، أيّ موقف أو تشير اليه.

الكفاءة الوجدانية ... رهان أستاذ التاريخ !

*** اقترح عليك زميلي بعضها لتعزيز انفعالات الانتماء والانحياز الايجابيين، وحيازة القدرة على المواجهة واتخاذ المواقف بنجاح... فازْرعها واغْرسها في المتعلّم، وزِد عليها ما وسِعك اجتهادك.

1- المقاومة عقيدة ومنهج وثقافة تغرس في التلميذ وتبدأ من حق الانسان الشخصي (في هذه الحالة التلميذ) في الدفاع عن النفس ومواجهة الظلم، أيّ ظلم. مهما كان لونه ومصدره.
2- المقاومة مبدأ لا يقبل التجزئة، فهي حق للجميع مهما اختلفت الأديان والاعراق والازمان ... فلا يجب الوقوف معها إذا كانت إسلامية – على سبيل المثال - والتنكر لها إذا لم تكن كذلك.
3- المقاومة نهجٌ حتميٌ وليس خياراً، نهج يؤسس لمناعة ضد مخازي الذل والانبطاح والخنوع والتخاذل.
4- تثبيت دعامات واساسات تاريخ ينطق دائما مُخبرا ومؤكدا في كل زمان ومكان بان المقاومة ليست إرهابا بل هي حق لكل مظلوم مُنتهك في حياته وارضه وعرضه... وإنْ لم نُسلِم بذلك ونُقرّه فإننا نطعن في ثورات استقلالنا والدماء الطاهرة التي سالت لأجله.
5- المقاومة هي بالأساس صراع ارادات، تتحكم فيها ظروف ومناخات تخدم طرفا على حساب الطرف المقابل، ويأتي استسلام أحدهما كمحطة تنهي حالة الكر والفر بينهما... فيصبح الاستسلام حالة تاريخية طبيعية مفروضة على المهزوم لا تنقص من بطولته وشهامته ولا تثنينا عن الاعتزاز به.

اليوم الدراسي الأول ومكامن النجاح !

*** من المعلوم أنّ الانطباع الأول خلال التواصل مع الاخرين هو المؤثر والمُرتّب للعلاقة الطبيعية والحسنة، والضّامن لدوامها واستمرارها، ومصدر الظفر بالرِّضى والقُبُول لديهم. ومن هذا الباب اقترح عليك - من جهة التجربة - أهم مكامن النجاح داخل الغرفة الصفية مع المتعلمين عشية اليوم الأول من الدخول المدرسي:
1- آمن واقتنع بمقامك وقيمتك واهميتك ولياقاتك وقدراتك العالية... فالثقة بالنفس هي من تمنحك الطاقة والقوة للتغلب على مخاوفك، وعلى مواجهة الموقف والتصرّف بثبات.
2- صوتك يعكس ثبات انفعالاتك وسكينتك، فانتبه لنبرات صوتك وسرعة حديثك ووضوحه، واسلك الاعتدال والتوسّط فيهما.
3- بعد التحية والسلام، قف وتمركز حيث ترى الجميع ويَروك ويتابعوك بسهولة، ومرّر عينيك على كافة زوايا الغرفة الصفية لتوسيع نفوذك عليهم وإلزامهم بنظرك وبصرك بالتفاعل معك والاهتمام بحضورك.
4- ابتعد عن التصنّع والتظاهر والتعامل المُنمّق، ولا تُنشئ لذاتك أكثر من شخصية، بل كُنْ على طبيعتك وسجيتك. ولا تُكثر من تجميل نفسك بالإطراء والمدح.
5- ألزِم ملامح وقسمات وجهك بتعابير الجدية والرصانة – وليس العُبوس والتجهّم - لتكون إشارات على قوة الشخصية أمام جيل من المتعلمين قد يُفسّر انبساطك وانشراحك ضعف وتودّد. وأما الوجه البشوش، الطلق والمرح فليس أوانُه ولا زمانه، بل دعْه إلى الأشهر القادمة حين تُوفّق في بسط نفوذك الأخلاقي والعلمي داخل الغرفة الصفية.
6- أخبر المُتعلمين بلقبك واسمك وإلا عابُوك وشانُوك بصفات ونُعوت خَلْقِية قد تبقى تلازمك في مشوارك ومسيرتك، وبدون انقطاع.
7- لا تفتح الباب على مصراعيه لأي سؤال معرفي يخص موضوع معين من المادة خصوصا من المتعلمين القادمين من المتوسط.
8- تناول الخطوط العريضة لمقرر المادتين، فمثلا: يمتد مقرر التاريخ للسنة الأولى من سنة 1453 تاريخ ... الى 1914 تاريخ ..... ويحتوي على 3 وحدات ... الوحدة الأولى خاصة بالعالم الإسلامي .... الثانية بالجزائر التي هي جزء من العالم الإسلامي ... والثالثة خاصة بأوربا. وأما الجغرافيا ... وعلى نفس المنوال للمستويات الأخرى.
9- احرص كل الحِرص على عدم استخدام العقاب الجسدي أو اللفظي للتأديب والتحصيل حتى ولو كان باعثهما حسن النية والقصد. وكُن على يقين بانك إذا انزلقت ووقعت في هذا المحظور فسوف تجد نفسك وحيدا في الحلبة، ولن يكترث ويعبأ لحالك أحد، فكن حاذقا لبيبا. وفي الحالات السلوكية المستعصية، لا تتردد في توظيف السبل القانونية ولا تتراجع عنها نهائيا.
10- غُضْ الطّرف واصرفه عن سلوكات وتصرفات المتعلمين العشوائية غير المخلة بنظام الغرفة الصفية، كالالتفات مثلا، فالبعض يُسلّط كل وقته على مراقبة حركات المُتعلم ورصدها، وربما يبالغ في توجيه التنبيهات والتحذيرات له إلى أن تصبح بلا طائل ولا منفعة، بل تصبح محل تهكم وسخرية ثمّ محلّ تحدّي واستفزاز له، وتردد أمامه نكاية فيه. مشاهدة الفيديو

المرافقة البيداغوجية ... ومسافة الأمان ! 

... تؤكّد جميع أدبيات الفكر البيداغوجي ومقارباته على أنّ المُعلّم والمُتعلّم (المُدرِّس والمُتمدْرس) هما الأساس ضمن متطلبات ومجريات العملية التربوية، والأرْفع شأنا من بين كل عناصرها ومكوناتها، فهما يمثلان البنية التحتية لنجاح مخرجاتها وجودة ثمارها. هذا إلى جانب أنّ أيّ خلل أو عُطل يصيب التفاعلات والعلاقات بين الطرفين يعتبر اشعارا بالفشل والوهن، وايذانا بإسقاط التربية والتعليم إلى الحضيض، وامعانا في مزيد من السوء والتعفن.
... في ابسط مدلولاتها ومقاصدها، تهدف المرافقة البيداغوجية إلى متابعة ورعاية المُعلّم للمتعلمين والعناية بكل استعداداتهم ومكتسباتهم لتخطي كل قصور قد يعيق تقدمهم وتطورهم ... وهي العملية التي تستدعي مواصفات معينة على راسها الشخصية الحاضرة والمؤثرة، الالمام المعرفي، الصبر، الحكمة والخبرة... ولكن بالمقابل توجد جملة من المحاذير ننبه اليها باختصار حتى لا تتحول المرافقة الى صداقة، مُصاحبة ومُنادمَة، تفقدها كل معنى ودور، وهي كالاتي:
1- احذر من تحويل مرافقتك للمُتعلّم الى صداقة تكسر بها كل الحواجز، فإنْ فعلت خسرت مركز القدوة ومنزلة النموذج.
2- احذر من الانبساط والانشراح الزائد والمبالغ فيه مع المُتعلّم، فإنْ فعلت ارتفع منسوب التبخيس من قدرك والتنقيص من منزلتك ومقامك.
3- احذر من الطعن في أيّ مُعلّم زميل، وغمزه ولمزه امام المتعلمين، أو السماح بنقل أخباره لك، فإنْ فعلت صِرت وغدا دنيئا، لا رساليا ولا مُربيا، واعلم ان المُتعلّم في هذه السن سينقل عنك مثلما ينقل لك.
4- احذر من مشاركة اسرارك أو اسرار أفراد مؤسستك مع المتعلمين، فإن فعلت اسْتحَلت إلى أحمق يرمي الرصاص على قدميه.
5- احذر من مجاوزة الحدّ في الدعابة والنكتة والضحك، فإن فعلت غَدوْت موضع سخرية وتهكم في حضورك أو غيابك. وفي مقابل ذلك ننصحك بالممازحات والتسليات الهادفة، المُتزنة والمحسوبة، ولكن بعد أن تبسُط سلطانك ونفوذك على مجال الحجرة الصفية.
مشاهدة الفيديو

مظهرك ... السطح الذي يعكس ذاتك ورسالتك ! 

*** لعقود من الزمن، وبعد أن حوّلت وسائل التواصل العالم إلى قرية، بل قُل إلى شارع أو حيّ، لم تعد تقتصر مجالات المواجهة والمجابهة مع الغرب المُتغلّب والمُهيمن على كل المجالات والمواضيع: الحضارية، السياسية والاقتصادية ... بل انتقل التأثير والاستدراج إلى ساحة أكثر ضراوة وفتكا وهي الاقتداء بالغالب ومحاكاته وتقليده في شؤون الحياة اليومية في أدّق تفاصيلها، في المظهر الخارجي والهيئة والزّيْ والهِندام، وكل ذلك تحت عنوان بارز هو كلمة "الموضة" التي استحالت إلى علامة للتحضر والتمدُّن عند المعاتيه والتائهين.
*** خلقنا الله في أجمل رسم وشكل وأقْوم صورة، حيث يقول:(لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ونَهَانَا عن القاء النفس في التهلكة بتحاشي كل ما قد يفسدها ويُعكّر طبيعتها من سموم المخدرات والانتحار وغيرهما... كما أرشدنا إلى رعاية أجسادنا بالسهر على نظافتها وحسن منظرها وبهاء طلعتها لتكون تعبيرا عن معالم ثقافتنا وهويتنا وذواتنا، وتترجم انحيازاتنا ومعتقداتنا.
*** إلى جانب ذلك، هناك الوقْع العظيم الذي تتركه صورتنا وهيئتنا في انطباعات الناس وأحكامهم الأولية مع بداية تواصلنا بهم، فنحصل على تقديرهم وننال احترامهم. فما بالنا إذا تعلّق الأمر بالتواصل الدائم والمستمر بين المعلّم والمتعلّمين، وبناء علاقات ثابتة، فعّالة وممتعة، يكون فيها – بالضرورة واللّزوم – المُعلّم هو مركز القيادة والتوجيه، ومصدر التأثير والتغيير.
*** من المؤسف، وأنا أكتب هذه الأسطر، أن أشعر بالمرارة والغُصّة من جهة التبعية والاستتباع في الأزياء والأشكال والمظاهر التي تمارسها قلّة من جماعتنا، أي جماعة التربية والتعليم – ومنهم من رأيناهم هذه الأيام يتصدرون المشهد ويتقدّمون الصورة في قلة أدب وحياء – من ارتداء سراويل وقمصان ضيّقة وقصات وتسريحات شعر مُقززة ومُنفّرة، تُفقد السمعة والتوقير والمهابة، وتُحيل المعلّم إلى نسخة عن المتعلّم، تجلب له وعليه التحقير والازدراء.
*** وعملا بالحديث الشريف (الدين النصيحة) أوجّه ناصحا بكل مودة وحب إلى حتمية تصويب المسار وتصحيحه وتدارك الموقف لاسترجاع المقام واستعادة الوقار الذي يليق بكل رساليّ مُربي.
*** يا مُعلّم الأجيال ومُربيها، كُنْ مُنسجما بمظهرك مع ذاتك ورسالتك تفلح. شاهد الفيديو

يا زميلي المُعَلِّمُ ... لا تكن منهم! - 1- تضخم الذات

*** رسائل أخوية وودية قصيرة اوجهها الى كل مُعَلّم جديد يريد ان يكون صالحا، فاضلا، اصيلا ومؤثرا، مُدركا لقداسة رسالته ومقتضياتها، قادرا على تقديم النموذج والمَثَل.
الرسالة الأولى (تضخم الذات): مرض ذميم يستحوذ على الأشخاص فيجعلهم يؤمنون بتميزهم وفَرادتهم وبراعتهم، ويتوهمون بأنهم أعلى درجة من الناس، ومتفوقون عنهم بخطوات ومراحل ... ومن بين أفراد هذه القبيلة الغريبة مُعلّمُون، على قلّتهم.
*** مدفوعا بهذه الأنا الفردية المتضخمة، يعتقد المعلم من هذه القبيلة بانه النجم الفريد والوحيد للمادة التي يدرسها، وهو بطلها، لا يدانيه أحد من اساتذتها، فهو فريدُ الزمان والمكان في التكفل بها.
*** ويزداد الأمر خطورة وجسامة حين يقوم المعلّم صاحب الأنا المتعجرفة بالانتقاص من شأن الآخرين وتحقير أعمالهم وتسفيه انجازاتهم، بل وقد يسعى لرؤيتهم يتجرّعون مرارة الفشل والاخفاق فيحس بالراحة واللذة.
*** نخلص الى القول في هذا الباب: ينبغي أن يَعلَم صاحبنا هذا بأن نزوعه وانسياقه صوب هذه الحالة المرضية يكون من دلائل الشعور بالنقص والضعف والدونية، وسكوت الاخرين عن أوهامه لا يعبر أبدا عن رضا واستحسان، فعند غيابه يكون عرضة للسخرية والتهكم والهجاء بدل هز الرؤوس والمجاملات والمجاراة والمسايرة خلال حضوره.
*** استوقفتني كثيرا هذه العبارة، اذكّر بها الجميع، وبالخصوص كل نفس تعاني من هذا المرض المزمن اللعين: "إذا رأيت الناس يعجبون بك؛ فاعلم أنهم يعجبون بجميل أظهره الله منك".

يا زميلي المُعَلِّمُ ... لا تكن منهم! - 2- طعّان غيّابْ

*** رسائل أخوية وودية قصيرة اوجهها الى كل مُعَلّم جديد يريد ان يكون صالحا، فاضلا، اصيلا ومؤثرا، مُدركا لقداسة رسالته ومقتضياتها، قادرا على تقديم النموذج والمَثَل.
الرسالة الثانية (طعّان غيّاب): لسنا ملائكة ولسنا شياطين، نحن معشر البشر، في داخل كل واحد منّا نفس وذات تميل بسجيتها ونوازعها الفطرية إلى حب الأضواء واجتلاب اهتمام الناس بحثا عن الزهو والاستمتاع والنشوة االآنية.
*** غير أنه مع تضخم الأنا أو الذات، موضوع الرسالة الأولى، تتحول هذه النوازع إلى مرض لعين مُزمن في ثنايا متاهة تتراوح بين سلوك منحط وتهريج رخيص، فيركب هذا المريض البائس كلّ صّعب وذلول، وبأبخس الطرق والسبُل، تارة بالغمز واللمز، وتارة أخرى بقتل وبنحر كل قيمة أخلاقية وأدبية وإنسانية على مذبح متلازمة الأنا المتضخمة، لكي يتسرّب إلى القلوب، ومنها إلى الألسن لإشباع متعته ونهمته من الشهرة والظهور الزائدين.
*** وأمّا عن زميلنا المعلم المُصاب بهذا الداء، فإنه يسترخص نفسه ويذلها، فينساق إلى استغلال التلاميذ وتوظيفهم لتحقيق مآربه. يتقرّب منهم عبر مختلف المداخل لنيل حُبهم المزيّف النفعي، واستثمارهم بشكل هزلي هابط في الترويج لمهاراته المزعومة وقدراته الخارقة، والطعن في الاخرين وازدرائهم في المؤسسة.
*** ليس عجيبا أنْ يعتقد كل معلّم ينزلق إلى هذه العبثية والسقوط الأخلاقي لإرضاء رغبته وغروره بأن الصورة الجميلة التي يسعى لرسمها في الاذهان باستغلال تلاميذ في مرحلة عُمرية تتصف باللاعقلانية واللامنطقية ... لن تكون سوى مشاعر زائفة ومتقلبة تخضع - على الأغلب - لمعيار واحد هو المصلحة، إما حصد نقاط أو الانتقال ...
*** إن التلميذ المراهق الذي ادخلته - يا زميلي - في أتون نزوات وأهواء سيبلغ رشده وتمام عقله، ويتذكر تلك الصبيانية التي عاملته بها، حينها تنكسر تلك الصورة وتتهاوى، ومعها كل المكاسب الظرفية التي حققتها لنفسك بالأمس، ويتحول اللسان الذي طالما لهج بالثناء عليك إلى هجاء واحتقار، وتأكد تماما - يا زميلي - بأن الصورة الأخيرة التي رسمت لك وعنك هي التي ستبقى عالقة في مخيلة الناس، فاحذر أن تكون منهم.

يا زميلي المُعَلِّمُ ... لا تكن منهم! - 3- البخل أو الشح

*** رسائل أخوية وودية قصيرة اوجهها الى كل مُعَلّم جديد يريد ان يكون صالحا، فاضلا، اصيلا ومؤثرا، مُدركا لقداسة رسالته ومقتضياتها، قادرا على تقديم النموذج والمَثَل.
*** البخل أو الشح، من أصعب الامراض والعاهات النفسية والسلوكية التي تشوّه صورة الانسان وتفقده انسانيته. ولابد من الإقرار بان هذه الافة لها علاقة بالأمراض الكريهة والذميمة التي أتينا على ذكرها في الرسالتين السابقتين، وفي مقدمتها – على الأرجح – مرض تضخم الانا المستعصي والأنانية المفرطة.
. *** تحت هذا السقف، يحفل محيطنا التربوي هو الاخر بنماذج من هذا الفريق، ولكن بخلها لا يقتصر على النفور من الانفاق المالي والعطاء المادي، إنما يتعدّاه إلى نواحي أخرى من حياتهم في المؤسسات التعليمية، وهو ما قد نتفق على تسميته "الشح او البخل المعرفي".
*** في الحقيقة قد يسأل بعضكم: هل ثمة معلّم يمكن أن يبخل بالعلم والمعرفة، ويمنع عن زميله نصائحه وتوجيهاته التربوية النافعة والسديدة التي راكمها وجمعها عبر سنوات؟ فأجيب: نعم، ولا أحد بمقدوره أن ينكر حقيقة وجود هذا الصنف من المَهوسين في مؤسساتنا، على قلّتهم.
*** يعتقد زميلنا "المعلم البخيل" بانه يحافظ على ريادته وفرادته ونجوميته داخل الجماعة حين يُخفي عِلمه عن الاخرين ويمنعه عنهم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يُحوّل مذكراته التربوية إلى نفائس وكنوز يصعب، إن لم نقل يستحيل، تحصيلها والتمكّن منها، ناهيك عن امتناعه عن الإفادة بطريقة تصميمها وبناءها على الأقل. والاشد ألما هو احجامه عن اسداء النصائح الحساسة والضرورية لتحمل رسالة التعليم لكل من يطلبها ويسعى اليها، خصوصا من كان حديث عهد بالتعليم.
*** حري بك زميلي أن تبادر الى اصلاح نفسك وحالك بأن تنعتق من هذا الوباء، وتتجرّد من انانيتك المرضية وتتخلص من السخرية التي لا تشعر بها أو تتظاهر بتجاهلها وهي تلاحقك في كل حين. واجعل من قيم الكرم والإيثار والعطاء وحب الاخر وغيرها ... رافعة تسمو بها انسانيتك وترتفع بها اخلاقك فتدفع بك بعيدا عن منازل الشيطان.

عرس بلا عرائس

*** من منّا لدية الاستعداد النفسي والفكري والعلمي لكي يجادل، ناهيك عن أن يعترض على ما اقترحه المفكر "مالك بن نبي" لانتشال الأمة من وهدتها وانقاذها من ضياعها الراهن إلى طريق النهضة والانبعاث، والمتمثل في المدرسة، التي تعد منطلقاً أساسياً ومرتكزا عظيما لأي وثبة حضارية منشودة.
*** وأيضا، من منّا لا يميل إلى الإقرار والتسليم بانّ الشكر والاعتراف بالجميل والبذل فضائل نبيلة ورفيعة، وعلامات مضيئة في المجتمعات الراقية والناجحة، ومصدرا للتحفيز وتجديد الطاقات والارادات والانفاس. زيادة على ذلك، فهي تُعبر عن الوفاء والامتنان لمن اجتهدوا وأنجزوا وتفانوا، واعترافاً بدورهم المتقدّم والنافع، فيستمرون في البذل والعطاء.
*** دعونا نعترف، والخيبة والخذلان يغمران المكان بأنّ الثناء والاعتراف بالفضل ثقافة مُهملة في مجتمعاتنا، وغيابها شبه المطلق عزّز ذُيوع رذائل الجحود والنكران والتحقير، هذا على الرغم من أنّ هذه الثقافة الأصيلة جذورها عميقة في ديننا، فالقران الكريم غاص بآيات الشكر والعرفان والترغيب فيهما، وكلّها تدور على محور واحد هو توثيق الصلة بالخالق ثمّ السمو والارتقاء بأخلاق الانسان وتجميلها وتزيينها لتستقيم حياة الجماعة البشرية وتصونها من كل شرّ وقبيح.
*** تختلف طرق التعبير عن الشكر وتتعدّد، ولكن أكثرها شيوعا هي "التكريم" من خلال تنظيم احتفالية اجلالا وتشريفا وتعظيما لأصحاب الإنجازات والإبداعات، وتنويها بقيمتهم ومنزلتهم، فيكون ذلك دفعة إيجابية وقوية لتجديد الهِمم والعزائم، ومواصلة البذل والعطاء.
*** تُعد تكريمات النجباء والألباء الذين افتكوا نجاحهم في امتحانات نهاية السنة الدراسية من التقاليد التي حرصت ودأبت عليها المؤسسات بكل مستوياتها... وقد تابعت بعضها عبر الشبكة العالمية لساعات، واهم ما شدّني ولفت نظري هو غياب المُعلم في عرس تكريم التعليم والمُتعلمين. (عرس بلا عرائس)
*** بعيدا عن أسباب ومبررات هذا التغييب والتهميش...اذ لا طائل من سردها ولا نفع يرجى من ذكرها، ولكن من حقنا أن نتساءل، فنقول:
1- هل حضور المُعلم هذه التكريمات حِمل ثقيل، مُكْلف ويستلزم اعباء؟ انا على يقين أنّ ما يرنو اليه كل معلم هو الشعور بالسعادة والفخر، وملامسة ثمار جهدة من خلال مقاسمة متعلّميه (تلاميذه) طربهم وفرحتهم، والتقاط صورة ولحظة ذكرى تبقى منقوشة ومحفورة في النفس والراس.
2- هل اختيار - على سبيل الاقتراح - أحسن معلم وطنيا وفق حسابات ومعايير مُنتقاة؟ وتكريمه نيابة عن جماعته شاق وعسير؟ ومنحه رحلة سياحية، سواء خارجية أو داخلية، يرافق فيها مُتعلِميه كما رافقهم في رحلة العلم والمعرفة على مدار سنة دراسية، صابرا، متحمّلا، وفيا ومخلصا في خدمة رسالته.
3- هل استدعاء أستاذ ناجح ورائد من كل مادة دراسية في التكريمات الرمزية المحلية فيه عناء وجهد؟ ... ويبقى كل هذا غيض من فيض. ولا يسعنا الا أن نأمل في تجذير ثقافة التكريم لصانع الأجيال وأمل كل مشروع حضاري شامل منشود، المُعُلّمُ.
*** ومن منطلق الانصاف والحق، وكشاهد عيان، يجب أن أنوّه بالمبادرة التي أقدم عليها المجلس البلدي لبلدية خليل من خلال احتفالية أقامها هذا الصباح (11/08/2022) كرّم فيها رواد وأوائل شهادة البكالوريا والمتوسط، وكرّم فيها أيضا معلمين من كل المستويات الدراسية، عاملين ومتقاعدين. فشكرا للجميع.

كرسي الحكم المُزْدان في بلاد العُرْبان ... الجحش والحمار

*** شكّلت حركاتِ التحرر من قبضة الاستدمار الأوربي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية الانتظارات والتطلعات الأولى لشعوب العالم الثالث لبناء الدولة الوطنية القائمة على منظومة مرجعيات تشريعية وقانونية منطلقها سيادة هذه الشعوب بحكم أنها هي من خاض الحروب التحريرية وبذل النفوس وقدّم التضحيات الجسام والأثمان والأكلاف الباهظة.
*** هي تطلعات وامال رامت الى تأسيس دولة تُصان فيها الحريات والحقوق، ويسودها مبدأ المواطنة والتداول على السلطة ومراقبة الحاكم ومحاسبته ... باختصار، مجتمعات تتمتع بِقِيَم سياسية مستنسخة من واقع الدولة المدنية في الغرب والقائمة ضمن حدوده الجغرافية والسياسية.
*** بعد افتكاك الاستقلال، وجدت هذه الشعوب نفسها تعيش الخيبات تلو الخيبات بعد أن استولت على الحكم أنظمة سلطوية استبدادية بتبريرات وشرعيات واهية وضعيفة، ومضحكة احيانا، اختطفت الشعوب واعتقلتها وحوّلت الأوطان إلى سجون ومقابر، ومعها اعتقلت أدواتها الأمنية تلك التطلعات والحريات، ونشرت القهر السياسي وطبعت حياة الانسان اليومية ظلما وذلا وعسفا، فحولتها إلى عقود عِجاف وجحيم لا يطاق.
*** ومن رحم هذا الواقع، ولمقارعة هذا الاستبداد والفساد، لم تجد الشعوب مسالك لنيل حقوقها والتعبير عن همومها والتنفيس عن غضبها ورفضها سوى اللجوء الى الاغنية السياسية الملتزمة كأداة سلمية منضبطة. ومن أبرز ايقوناتها وروادها في بلاد "الجحش والحمار" السيد درويش والشيخ إمام وغيرهما.
*** بعد مرحلة الثورات العربية وما تلاها من انتكاسات واتساع التضييق السياسي، انتعشت الاغنية السياسية أكثر، وتصاعد حضورها مقابل ما يطلق عليه زورا وبهتانا "الاغنية الوطنية" التي لا تعبر عن أي قيمة أو معنى، ولا تحمل من الوطنية الا العنوان والاسم، تصنعها السلطة للتلميع والتجميل والحشد الاجتماعي لإدامة سلطانها. للمشاهدة: رابط الفيديو 

سِــيِدِيِ ومَدْرَسَتِيِ ... و soulier fouh  

*** كتب الأخ والصديق الأستاذ "نورالدين عيساوي" على صفحته الفايسبوكية منشورا هادفا وماتعا تحدث فيه عن المعلم الفاضل سيدي "شعبان بن عريب" رحمة الله عليه، فأثار ذلك بداخلي شجونا وذكريات، وأيقظ مشاعر شوق وحنين واشتياق شدّتني إلى زمن أجمل وأبهى وأرقى، زمن دفء الطفولة وطهارتها وعفويتها، زمن تلمَح فيه: أسيادنا الذين هذّبُونا وعلّمُونا، أتْرابنا الذين صاحبُونا وزامَلُونا، ومَدرستَنَا التي احتوتنا واحتضنتنا.
*** حظي سيدي "شعبان" بمقام مهيب وقَدْر عظيم وعطاء غزير، شأنه شأن أهل زمانه من رجال رسالة التربية والتعليم. أذكر عمق نظراته وشدّتها، وقوة حزمه وعزمه، وتلك 'الفلقات' التي تلقيتها في أسفل القدمين تربية وتأديبا وحُبا وحنانا، فلقد كانت الفلقة وسيلة ناجعة ونافعة لتقويم الأفعال والتصرفات إلى جانب تقويم مسارات التعلّم. واستحضار واستدعاء هذه السردية يشعرني الآن بالمرارة وبهول المصيبة التي ضربت التعليم والمّت به، فأسقطته من شاهق وحطّته من عَلِ.
*** وأمّا مدرسة كتفي حسين، فهي صاحبة الفضل الأول بعد الله والوالدين، منها بدأت رحلة العلم والدرس ومعانقة شقاوة الصِّغَر، وفيها لامَسنا معاني البراءة والطفولة وصفاء الروح وصدق الابتسامة والعواطف، وتلمّسنا ملامحنا وأجسادنا وأذواقنا وأحلامنا البسيطة المنغمسة بين اللونين الأبيض والأسود دون سواهما، وخَصاصَة قاسية ألبَستنا الرَثّ من الثياب وأكرهتنا على انتعال الحذاء المشهور حينها (soulier fouh) الذي يفقدك شَمِيمُه الصّواب ويرمي بك في عالم الهلاوس والهذيان ... ثمّ كَبرنا وانخرطنا في مسرح الحياة الزائف وآلامِه، واشتبكنا مع شخوصه وأقنعته وتلاوينه وتقمُصاته ... وبعفوية جارفة، وجدنا أنفسنا نُوَلّي أدراجنا هاربين إلى تلك الطفولة للراحة والعلاج.
*** وأنا أهمّ بنشر الموضوع، تذكرت صديق الطفولة والكهولة وزميل القسم على مدار سنوات الابتدائي والمتوسط "فريد بن عريس" رحمة الله عليه الذي عمل في نفس الابتدائية كأستاذ فرنسية إلى أن وافته المنية بسبب كورونا.
*** أدعو الله أن يرحم من مات من أسيادنا وأودائنا ويرزقهم الفردوس، ويطيل عمر الأحياء منهم. لمشاهدة الفيديو

آل دحدح ... الجذور والأصول 

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"
*** التنوع الإنساني – على غرار التنوع الطبيعي والبيولوجي – حقيقة مقررة ومسلمة ثابتة منذ تشكّلت الجماعة البشرية في بداية نشأتها من ذكر وأنثى، ثمّ امتدّت واتسعت هذه النواة أو البذرة إلى شعوب وقبائل وأمم.
*** وكما هو مُعلن ومُفسّر في البيان القرآني الإلهي، فإنّ افعال وقيم التعارف والتقارب والتعايش بين البشر هي القواعد التي لا خلاف في أنّ الانحياز اليها يُعبر عن التزام بأصول ومقاصد الدّين، وأيضا الرقي والتحضر والسمو في مراتب الكمال الإنساني.
*** ومع تسليمنا بان الانتماء والانتساب إلى جماعة معينة من الناس طبيعة وسجية انسانية، يتعلّق الكثير من البشر بهويات مختلفة لم تكن نابعة من اختياراتهم ولا اراداتهم، بل اختارتها الاقدار والاحكام الربانية لهم، فيحبونها ويفتخرون بها ويُمجدونها ... وهو أمر لا خوف منه ولا بأس فيه.
*** ولكن الذي يدعو للأسف هو تلك اللحظة والفرصة التي استطاع فيها الاستدمار ضرب الوحدة الحضارية للأمة بالمراهنة على سلاح الهويات واذكاء التعصب والتصلّب واشعال الحرائق في بنياننا وبنيتنا وبيئتنا، مدفوعا بالتربص الديني والتاريخي المتجذّر صوب كل ما يتعلق بنا، معتمدا في تربصه هذا على خطة "فرّق تسد". فانتشرت بيننا خطابات الاقصاء والاستئصال، وأُقحِمْنا في مسارات مُميتة أدّت إلى مزيد من المغالبة والتخندق والتفكك.
*** انطلاقا من كوني أستاذا في التاريخ، آمُلُ أنّ يكون الغرض من هذا الموضوع وعنوانه قد اتضحت أبعاده وأهدافه في الأذهان، فيبدو جليا أنّ الحاجة إلى السؤال والفهم واكتشاف المجهول، وما يستتبعها من ميول اشباع الفضول وحب الاستطلاع ... هي بواعثه ودوافعه، أي الموضوع، وليس التعصب كظاهرة وحالة كريهة تتراوح مغذياتها بين جهل مركب وضلالات الجهل بالآخر.
 لمشاهدة الفيديو

الصدام العثماني الصفوي في تشالديران

تمثل العلاقات العثمانية الصفوية خلال النصف الأول من القرن (العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي) حلقة من حلقات الصراع المذهبي، السني – الشيعي الذي يزداد شراسة، ويستنزف قوى الأمة حيال قضاياها المصيرية، فلقد كان للدولة العثمانية خلال هذه الحقبة – بعد أن تحولت من إمارة على الحدود البيزنطية إلى قوة إقليمية، ثم إلى دولة عالمية – وزنها السياسي على الساحة، ودورها الفاعل المركزي في العالم الإسلامي. وهي دولة تبنت رسميا مذهب أهل السنة. وهو ما كان يقتضي منها الدفاع عن المذهب السني، واحتواء التمدد الشيعي الذي فرضه الصفويون في محيطها، واجتهدوا لتوسيع دائرته. وبالمقابل كانت الدولة الصفوية، منذ ظهورها وتبنيها رسميا للمذهب الشيعي الاثنى عشري، تمثل نموذجا واضحا للدولة المذهبية في العصر الحديث، ومن ثم تأتي أهمية الدولتين باعتبارهما آخر الدول الإسلامية الكبرى التي أعلنت ارتكازها على الشريعة الإسلامية. ويبدو أن هذه السمة هي التي أدت إلى التباين والاختلاف، بل وإلى التصادم في كثير من المواقع، أهمها وأخطرها، معركة تشالديران، والتي كانت مدفوعة بجملة من المحركات، وخلفت الكثير من الآثار على مستوى الدولتين والمحيطين القريب والبعيد. للقراءة:  رابط المقال 

الوضعية التعلمية الأولى: أسس التنوع البيئ

التدرج في مهمات التعلم: - يكتشف ويربط علاقة التنوع البيئي ب: أ- الظاهرة الفلكية (حركتا الأرض- الإحداثيات الفلكية).
*** لا يمكن للمتعلم، باي شكل من الاشكال، استيعاب التنوع البيئي من غير استيعاب حركتا الارض وما ينتج عنهما، ولكن الملاحظ انّ اغلبنا يوجه المتعلمين الى بناء منتوج "عوامل التنوع البيئي" ثم يسهب في توسيعها وشرحها وتبسيطها، أي حركتا الأرض، منفصلة ومستقلة تماما عن المقصد الأول لمهمات التعلم وهو "ربط العلاقة" بمعنى كيف ؟
*** فالغاية ليست فقط استيفاء تلقي المتعلم لتعاريف حركتا الأرض، وهي اكيد مطلوبة، ولكن الغاية هي ابراز هذه العلاقة ... وللتفصيل أكثر أقول: طرْق مصطلح الاحداثيات الفلكية تمّ التكفل به ضمن الوضعية الأولى (أدوات الجغرافيا)، حيث استقر تعريفها في ذهن المتعلم، ثم أعقب ذلك الجانب التطبيقي العملي من خلال وضعية (توظيف أدوات الجغرافيا) ... وبالتالي يصبح اظهار علاقة الاحداثيات بالتنوع

مناطحة التاريخ - الصدام العثماني الوهابي المبكر، خلاف بين خطابين: ديني وسياسي 

لكل من يريد مُناطحة التاريخ ...
التقديس الاعمى لما يعتبره ويعدّه البعض حقائق تاريخية ثابتة ومستقرة هو بلا شك مُناطحة للتاريخ.
الحركة الوهابية أو الحركة النجدية وعلاقتها بالدولة العثمانية العلية هو الموضوع المُثار في كل ما مكّننا البحث بلوغه والوقوف عليه.
لاريب في أنّ الكثير والكثير من الكتابات الماجورة والمدفوعة قد كرّست القراءة المتحيزة التي تَرُوج بين الناس في كل محيط ودائرة وهو تكريس استمدّ قوته وطغيانه من التخمة المالية، فلا عجب ولا غرابة في انتشارة وامتداده.
تخبرنا الوقائع التاريخية المثبتة في المصادر الأولية التي تناولت الموضوع بمسائل وحيثيات تخالف ما هو شائع وذائع. فما من مرجعية تاريخية بوسعها أن تؤكد لنا صدقية الوقائع مثل المصادر التي دونت وحررت في زمن هذه الوقائع والاحداث، فما بالنا اذا كانت هذه المصادر من تاليف شيعة وأنصار هذه الحركة.
املي ان يستفيد كل من كان قد حاورني وناقشني في هذه المسالة، وان لا يناطح التاريخ. للقراءة: 
رابط المقال 

مادتنا 

يختزل البعض منّا مادتنا الجميلة "التاريخ والجغرافيا" في فقرات انشائية جامدة حوّلتها مع الوقت الى مادة للحفظ والاستظهار والغش. ويبدو لي أن العلّة ليست في المضامين والمحتويات بقدر ما هي في طريقة تقديمها، والأدوات والوسائل التي يحشدها ويجندها الاستاذ في تقديمه، وعلى راسها الخرائط... اذ لا يمكن لأي ذهن متماسك ان يتصور تدريس الزمان والمكان بدون الخريطة بكل عناوينها وأنواعها واصنافها.

الاعلام الالي 

لا ريب في أنّ حيازة مهارة توظيف الاعلام الآلي واستثماره في الممارسات التربوية من الإشارات المهمة الدالة على وجود رغبة في التجديد والتحديث لدى المُربي للتخلص من حالة الرتابة والخمول السائدة، وللأسف الشديد، هي الحالة التي تحوّلت إلى سمة ملازمة لتلك الممارسات والعمليات. وربما تكون هذه الحالة أحد مسببات الخيبات والإحباطات والانتكاسات التي تمر بها منظومتنا التربوية، سواء على مستوى المدخلات أو المخرجات.
... إننا لا نبالغ إذا قلنا بأن توظيف هذه المهارة في "التاريخ والجغرافيا" يُعدّ من الأولويات التي يجب أن يتسلّح بها كل من اختارته الأقدار واكرمته بتحمل رسالتها، وضرورة الادراك بأنّ تغيير الأدوات ضرورة ملحة لمواكبة التطورات الجارية في حقل التربية، وإنْ لم يفعل، حكم على نفسه بالعيش خارجهما، أي خارج التاريخ والجغرافيا.

قصة الأمير العثماني جم 

هي ليست قصة مستلة من كتاب ألف ليلة وليلة، إنما هي واقعة من التاريخ العثماني اتسمت بضروب وصنوف من المؤثرات المتداخلة بأبعاد دينية وسياسية ونفسية وعاطفية، تخللتها مؤامرات ودسائس أوربية غرضها الاجهاز على الدولة العثمانية والنيل منها.
هي قصة الأمير العثماني " جم Cem " ابن السلطان محمد الثاني (الفاتح) على اثر خلافه مع شقيقه السلطان بايزيد حول وراثة السلطة. فبعد معارك طاحنة بينهما انتهت بهزيمة "جم"، وجد هذا الأخير نفسه مجبرا على الهروب واللجوء إلى أعداء آل عثمان ... وخلال هذه الرحلة الشاقة المليئة بالمآسي والأحزان في بعض أشواطها، والرومانسية والمغريات في بعضها الاخر، تحوّل الأمير العثماني إلى غنيمة في يد الأوربيين يساومون به السلطان، كما تعرّض إلى الاغواء لفتنته، فتحولت قصته، بعد أن امتزجت واختلطت بخيالات وتصورات الأدباء، إلى مصدر رائج حينها للكتابات الأدبية الرومانسية التي انتعشت في فترة النهضة الأوربية، نثرا وشعرا.
انتهت حياة الأمير مقتولا، وتعددت الروايات في سرد طريقة القتل ومدبرها، ولكن الكثير منها لا يستقيم ولا يقرها منطق التاريخ ولا العقل. للقراءة: 
 رابط المقال 

محطات في الطريق

 *** تختلف تفاصيل السفر وتجاربه بين الماضي والحاضر، فيكفي اليوم أن تفتح شبكات الاتصال لترى كل شيء وبكل أبعاده وتلاوينه في العالم، غير انّ التنقل والتّماس مع الآخر، يجعلك تعيش السفر وتلمسه باليد والقدم، فيتحول الى رافد للسعادة ومعزز للمخزون الثقافي، وعامل تجديد وتقوية وترقية للذات.
*** زيادة على ذلك، يساعد السفر على اكتشاف العوالم المجهولة بكل ألوانها وحالاتها، والنفاذ إلى حياة وتجارب انسانيّة مغايرة ومختلقة عن تلك المعتادة، فتعيش عذوبتها وتحيا جمالها وتصنع ملاذا للابتعاد عن مكانك المألوف الغاصّْ بالروتين والملل والمنغصات. لمشاهدة الفيديو

مدونة الأستاذ عبد الحفيظ دحدح تتمنى منكم البقاء على تواصل معها للمزيد من الافادة ومزيد من التفاعل والتجاوب مع محتويات المدونة في مختلف المواضيع المطروحة، وتبقى أسمى أمانينا وتطلعاتنا هي إرضاء زوارنا الكرام وتغطية ميولاتهم ومبتغايتهم. وقنوات التواصل كثيرة ومتعددة خصوصا ، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي

إتصل بنا

تواصل معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

عداد الزوار

Flag Counter

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة الأستاذ عبد الحفيظ دحدح

2020